المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

مسائل الوضوء

صفحة 56 - الجزء 1

  قال: نعم، ألا ترى أنك تقول: ماء عصفر، وماء ورد، وماء زعفران، فلم تفرد الماء؛ لعلة ما خالطه وغلب عليه.

  قلت: وكذلك لو أن الماء القراح وقع فيه شيء من الأشربة، مثل السكنجين⁣(⁣١) أو الجُلَّاب⁣(⁣٢) أو اللبن أو ما أشبهه؟

  قال: نعم، قد قدمنا لك الجواب في ذلك كله، ما غلب عليه اسمٌ غير اسم الماء فليس لأحد أن يتطهرَ به.

  قلت: فمثل الغدير والبير والوقيعة⁣(⁣٣) وما أشبه ذلك، وكذلك الإناء مثل الجرة أو القربة وما أشبهه من الآنية؟

  قال: كل ما تغير لونه أو طعمه أو ريحه مما وقع فيه كائناً ما كان من الميتة أو الأدران لم يتوضأ به، فأما إذا لم يتغير للماء طعم ولا لون ولا ريح مما وقع فيه مما ذكرنا من ميتة أو غيرها جاز الطّهور به.

  قلت: فإنه لم يجد إلا هذا الماء؟

  قال: يتيمم، ولا يتطهر به.

  قلت: فإن جنباً لم يجد ماء إلا في بير، ولم يكن معه دلو ينزع بها ولا إناء يغرف به، هل يغتسل في جوف البير؟

  قال: نعم يجزيه ذلك إن كان ماؤها حاملاً.

  قلت: وكيف يكون الماء حاملاً؟

  قال: كثيراً لا يقدر على نزفه من البير حتى لا يبقى منه شيء، فإذا كان الماء في


(١) السكنجبين ليس من كلام العرب وهو معروف، مركب من السكر والخل ونحوه. (المطلع ص ٢٤٦. تمت قاموس فقهي).

(٢) الجُلَّاب كزُنَّاء: ماء الورد معرب. (قاموس).

(٣) إذا كَانَ مُسْتَنْقَعُ الماءِ في التُّرَابِ فَهُوَ الحِسْيُ. فإذا كَانَ في الطِّينِ فَهُوَ الوَقِيعَةُ. فإذا كَانَ في الرَّمْلِ فَهُوَ الحَشْرَجُ. فإذا كَانَ في الحَجَرِ فهو القَلْتُ والوَقْبُ. فإذا كَانَ في الحصى فهو الثَّغْبُ. فإذا كَانَ في الجَبَلِ فَهُوَ الرَّدْهَةُ. فإذا كَانَ بَيْنَ جبلين فهو المفصل. (فقه اللغة وسر العربية).