المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب القول في الوكالة

صفحة 579 - الجزء 1

  قلت: فإن الوكيل أوكل⁣(⁣١) في شيء بعينه مثل أن يقبض مائة دينار، فوهب منها عشرة، أو مثل أن يبيع ضيعة بثمن معروف مؤقت فباع بأقل، هل يكون الوكيل ضامناً لما وهب أو نقص من الثمن المؤقت، أم لا يكون ضامناً؟ وهل تنفسخ وكالته لفعله؟

  قال: لا يكون الوكيل ضامناً لفعله ذلك بما وهب أو بما نقص من الثمن، ولكن وكالته تنفسخ بما فعل بمخالفته لمن وكله.

  قلت: فإذا انفسخت وكالته، هل يبطل البيع الذي باعه أم يثبت ويطالب المشتري الوكيل؟

  قال: إن أتم المشتري ما نقصه الوكيل من الثمن المؤقت للوكيل ثبت البيع وجاز على الموكل والوكيل، وإن أبى المشتري أن يتم الثمن الذي وقت للوكيل ولم يجعل له إلى طرح شيء من ذلك سبيلاً فالبيع باطل؛ لأنه باع بأقل من الثمن الذي وقته له، وكذلك العشرة التي وهب من المائة يرجع بها الموكل على الموكل عليه، وقد انفسخت وكالته.

  قلت: فإن رجلاً بالكوفة وله مال بالبصرة من دين أو ضيعة، فوكل صاحب المال وكيلاً يبيع المال أو يقبض الدين بالبصرة فخرج الوكيل حتى صار في بعض الطريق، ثم فسخ الموكل وكالة الوكيل قبل أن يبلغ الوكيل إلى البصرة، وأشهد على فسخ الوكالة شاهدين، ولم يعلم بذلك الوكيل، ونفذ لما وكل فيه، فباع الضيعة وقبض الثمن، فلما قبض الثمن وأشهد على البيع أتاه كتاب الموكل: إني قد فسخت وكالتك قبل أن تبلغ إلى البصرة، فلا تبع الضيعة؟

  قال: الكتاب الذي أتاه بعد ما باع بفسخ الوكالة باطل؛ لأنه قد باع وأنفذ ما وكل فيه قبل مجيء الكتاب إليه بفسخ الوكالة، وقد جاز البيع للمشتري، وثبتت له عقدة البيع.


(١) وكل. نخ.