المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

مسألة: في بيع حيوان يوجد به حمل

صفحة 656 - الجزء 1

  قلت: ولم لا يصدق وهو قد أقر على نفسه بخروج جاريته من ملكه؟

  قال: لأنه قد يقع في قلوب الرجال من الجواري بعدما يبيعونهن مودة، ويندمون على خروجهن من أيديهم، فيحتالون بأسباب ليفسخوا بذلك البيع؛ لترجع، فيسترد الجارية لما قد وقع في قلبه من مودتها، فالحيطة في ذلك أوكد، يسأل هذا المدعي البينة على ما ادعى؛ فإذا ثبتت البينة على ما ادعى أنها قد أسقطت منه أو ولدت منه ومات - نظر في أمره فإن كان فعل ذلك متعمداً بعلم أُدِّبَ على ذلك أدباً وجيعاً؛ لجرأته على ما يقدم عليه. فإن ادعى جهلاً وقال: لم أعلم أن هذا لا يجوز - نظر فإن كان كما قال وهو جاهل درئ عنه الأدب لجهله، ثم أمر المشتري وحكم عليه برد الجارية إليه، وحكم على البَيِّعِ برد الثمن إلى المشتري، وأعلن في مجلس الحكم أنها قد صارت أم ولده حتى يبين ذلك للناس.

  قلت: فهل يجب على المشتري بوطئه الجارية العقر؟

  قال: نعم، نصف عشر قيمتها لسيدها.

  قلت: وكيف وجب عليه العقر وقد فعل ذلك متعمداً وغَرَّ المشتري؟

  قال: إذا كان جاهلاً وادعى أنه لا يعلم أن هذا لا يحل وجب العقر على المشتري؛ لأن بالجهل أوجبنا العقر، فأما إذا كان عالماً بما فعل أنه يحرم أوجبنا العقر على المشتري للسيد بالوطء، ثم يرجع به على السيد؛ لأنه قد غره.

  قلت: فإن الجارية إن ثابت وقال المشتري: لا آمن أن تكون قد حملت؟

  قال: توقف عند مرة من المسلمين أمينة حتى يتبين ما ذكر من الحمل فإن بان الحمل كانت في الموضع حتى تضع ما في بطنها.

  قلت: فإذا ولدت ما يكون الولد؟

  قال: حراً؛ لأنه ابن أم ولد، ولا يكون ابن أم الولد إلا حراً.

  قلت: فيلحق نسبه بأبيه؟

  قال: نعم، وما يزيل ذلك وقد ولد على فراشه.