المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

مسألة: في مضاربة

صفحة 667 - الجزء 1

  قال: قد قال غيرنا: إنه ضامن وله الربح بضمانه، ولم ننظر في قولهم. وأما قولنا: فإنه إن كان زاد هذا الدنانير عمداً ليبطل بها المضاربة، فيكون له بذلك الربح خالصاً - فلا أجرة له، والربح عندنا لبيت مال المسلمين. فإن كان لم يتعمد خلط الزيادة جهلاً منه بذلك - فسدت المضاربة، وله أجرة مثله، والربح لرب المال.

  قلت: فإنه دفع إليه مالاً مضاربة، وفوضه في العمل فيه برأيه في سفر أو حضر، وأمره وحظر عليه أن لا يحمل هذا المتاع على طريق تهامة، فخرج طريق تهامة فأصيب بالمال وأُخِذ؟

  قال: يكون بمخالفته ضامناً.

  قلت: فإنه سلم وربح لمن الربح؟

  قال: قد قال غيرنا: إن الربح بينهما على ما افترقا عليه إذا جاءت السلامة، وهو كذلك عندنا كما قالوا.

  قلت: فمن أين تكون نفقة المضارب إذا كان معه مضاربات لجماعة؟

  قال: قد قال غيرنا: إن له نفقة كاملة على كل واحد ممن في يده مضاربة، وأما قولنا: فنفقته على جميع ما معه من المال على كل واحد من أرباب المال بقدر ماله، ولو جعلنا على كل مال نفقة كاملة لجعلنا له الربح ولا يدرى لعله لا يربح في المال، فيكون في ذلك ضرر على أصحاب الأموال ومنفعة له، وهذا لا يجوز.

  قلت: فمن أين يأكل في مقامه من قبل أن يسافر، وإذا سافر في ذهابه ومجيئه، وكذلك من أين تكون كسوته؟

  قال: قد قال غيرنا: إنه لا يأكل مما في يده من مال المضاربة شيئاً ما دام مقيماً قبل أن يسافر، فإذا خرج من سفره أكل من رأس المال إلى أن يعود إلى البلد الذي وقعت فيه المضاربة، وأما قولنا: فإن المضارب يأكل من المال الذي ضارب به في مقامه وسفره، إلا أن يكونا أوقعا بينهما شرطاً عرفاه في النفقة والكسوة فيكون الشرط أملك؛ لأن المؤمنين على شروطهم.