باب القول في الأيمان
باب القول في الأيمان
  وسألته عن رجل حلف بالله أو بالطلاق أن لا يشتري لحماً، فأمر غيره فاشترى له - هل يحنث؟
  فقال: الأيمان كلها عندنا على النية التي نوى الحالف.
  قلت: فإن كانت مبهمة؟
  قال: إذا كانت مبهمة فحلف أن لا يشتري فأمر غيره فاشترى لم يحنث، وكذلك إذا حلف أن لا يؤجر داراً له أو عبداً أو غير ذلك مما يجوز فيه الإجارة، فأمر غيره أن يؤجره لم يحنث، وكذلك إذا حلف أن لا يستأجر شيئاً، فأمر غيره فاستأجر ذلك لم يحنث، وكذلك إذا حلف أن لا يقاسم فأمر غيره فقاسم له، لم يحنث، وإنما يكون ذلك عندنا لا يحنث فيما قلنا: إنه لا يحنث فيه - إذا كان هو مما يلي بنفسه مثل ذلك؛ فأما إذا كان هو مما لا يلي ذلك بنفسه وتولى ذلك غيره كان في ذلك كله حانثاً.
  قلت: فإن حلف أن لا يتزوج فأمر غيره فَزَوَّجه، وكذلك لو حلف أن لا يطلق امرأته فأمر غيره فطلقها، وكذلك لو حلف أن لا يعتق عبده فأمر غيره فأعتقه؟
  فقال: ليس هذا مثل الأول؛ لأن هذا لا ينعقد إلا به وبفعله، وكل ما أمر به من هذه الثلاث الخصال فهو فعله؛ فإذا أمر به حنث.
  قلت: فإنه حلف أن لا يقاسم فأمر غيره فقاسم له؟
  قال: لم يحنث.
  قلت: فإنه حلف أن لا يقطع ثوبه، وكذلك إن حلف أن لا يهب لفلان هبة، وكذلك إن حلف أن لا يهدم داره، وكذلك إن حلف أن لا يبني داره، وأمر غيره بفعل شيء من ذلك؟
  فقال: أما الهبة وقطع الثوب فهما عندنا أيضاً بمنزلة هذه الثلاث الخصال التي هي إذا أمر بها بمنزلة فعله، وأما بناء الدار وهدمها فقد قال غيرنا: إنه فيها حانث، وليس ذلك عندنا كذلك، لا يكون في ذلك عندنا حانثاً إذا أمر غيره فهدم الدار أو بناها بأمره.