المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب القول فيما يحرم من الرضاع من قليله وكثيره

صفحة 704 - الجزء 1

  قد التبس أمره وجاءت فيه الشبهات، واختلفت فيه القالات، وكثرت فيه الروايات، وأجمع على نقلها الثقات، وقد قال الله سبحانه: {وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ ٧}⁣[الحشر].

باب القول فيما يحرم من الرضاع من قليله وكثيره

  قال يحيى بن الحسين ~: تحرم المصة والمصتان من الرضاع كما يحرم الكثير، كذلك ري لنا عن أمير المؤمنين رحمة الله عليه أن امرأة أتته فقالت: إن ابن أخي أعطيته ثديي فمص منه، ثم ذكرت قرابته فكففت، وأنا أريد أن أنكحه ابنتي، وقد بلغا؛ فقال أمير المؤمنين رحمة الله عليه: (الرضعة الواحدة كالمائة رضعة لا تحل له أبداً).

  قال يحيى بن الحسين ~: وكذلك لو أن الصبي لم يرضع من الثدي وحلب له فألخيه باللخاء وسقيه سقياً حرم ذلك ما يحرم من الرضاع، وكان ذلك والرضاع سواء، حدثني أبي عن أبيه: أنه سئل عن الرضاع ما الذي يحرم منه؟ فقال: «يحرم من الرضاع قليله وكثيره، الرضعة والرضعتان، والمصة والمصتان»، وهكذا ذكر عن علي أمير المؤمنين رحمة الله عليه وقد روي عن رسول الله ÷ أنه قال: «لا تحرم المصة والمصتان»، رواه ابن الزبير وذلك لا يصح عندنا عنه ولا يجوز عليه؛ لأنه ÷ لا يقول ما يخالف كتاب الله، وهذا ممن رواه فباطل محال.

باب القول في الرضاع بعد الفصال

  قال يحيى بن الحسين ~: لا رضاع بعد فطام، والفطام فهو الفصال، والفصال فهو بعد الحولين، فذلك قول الله تبارك وتعالى: {۞وَٱلۡوَٰلِدَٰتُ يُرۡضِعۡنَ أَوۡلَٰدَهُنَّ حَوۡلَيۡنِ كَامِلَيۡنِۖ لِمَنۡ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَۚ}⁣[البقرة: ٢٣٣]، فجعلهما الله وقتاً للرضاع، وجعل تمامهما تماماً للرضاع، وقال سبحانه: {وَحَمۡلُهُۥ وَفِصَٰلُهُۥ ثَلَٰثُونَ شَهۡرًاۚ}⁣[الأحقاف: ١٥]، فكان أقل الحمل ستة أشهر والباقي من الثلاثين فهو رضاع والباقي بعد ستة أشهر فهو حولان، فجعل الله سبحان الحولين مدة للرضاع، فمن