المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب القول فيما يحرم من الرضاع من قليله وكثيره

صفحة 705 - الجزء 1

  رضع فيهما أو أرضع له فهو رضاع، وما كان بعدهما وبعد الفطام فليس برضاع يحرم، وكذلك قولنا في رجل لو أنه أرضع ولده بعد فطامه وبعد انقضاء الحولين من أيامه بلبن صبية لم نر أنها تحرم عليه إذا كان رضاعه بعد فطامه.

  فأما الحديث الذي يروى من أن النبي ÷ قال لسهلة زوجة أبي حذيفة حين ذكرت له ما ترى في زوجة أبي حذيفة من دخول سالم عليها حين أنزل الله في النهي عن التبني ما أنزل، وكانت سهلة قد تبنت سالماً، فقال لها النبي ÷: أرضعي سالماً عشر رضعات، ثم ليدخل عليك كما كان يدخل؛ فهذا ما لا يصح عندنا عنه ÷ ولا نراه، وليس ذلك عندنا بشيء، وفي ذلك ما بلغنا أن رجلاً أتى علياً # فقال: يا أمير المؤمنين إن لي زوجة، ولي منها ولد، وإني أصبت جارية فواريتها عنها، فقالت: ايتني بها، وأعطتني بها موثقاً لا تسوؤني فيها، فأتيتها يوماً فقالت: لقد أرويتها من ثديي، فما تقول في ذلك؟ فقال له علي ¥: (انطلق فأنل زوجتك عقوبة ما أتت، وخذ بأي رجلي أمتك شئت فإنه لا رضاع إلا ما أنبت لحماً أو شد عظماً، ولا رضاع بعد فصال).

  وحدثني أبي عن ابيه: أنه سئل عن الرضاع بعد الفصال؟ فقال: لا رضاع بعد فصال.

  وحدثني أبي عن أبيه، أنه قال: قليل الرضاع ككثيره إذا كان في الحولين؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {وَحَمۡلُهُۥ وَفِصَٰلُهُۥ ثَلَٰثُونَ شَهۡرًاۚ}⁣[الأحقاف: ١٥]، وقوله: {۞وَٱلۡوَٰلِدَٰتُ يُرۡضِعۡنَ أَوۡلَٰدَهُنَّ حَوۡلَيۡنِ كَامِلَيۡنِۖ لِمَنۡ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَۚ}⁣[البقرة: ٢٣٣].

  وحدثني أبي عن أبيه، أنه قال: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وهكذا يذكر عن رسول الله ÷ وعن أمير المؤمنين رحمة الله عليه.