المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب القول في لبن الفحل

صفحة 707 - الجزء 1

  وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: {وَفِصَٰلُهُۥ فِي عَامَيۡنِ}⁣[لقمان: ١٤]، ويقول سبحانه: {۞وَٱلۡوَٰلِدَٰتُ يُرۡضِعۡنَ أَوۡلَٰدَهُنَّ حَوۡلَيۡنِ كَامِلَيۡنِۖ لِمَنۡ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَۚ}⁣[البقرة: ٢٣٣].

  وفي القليل أو الكثير إذ ذكر الله المراضعة ما يقول الله سبحانه: {وَأُمَّهَٰتُكُمُ ٱلَّٰتِيٓ أَرۡضَعۡنَكُمۡ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ}⁣[النساء: ٢٣]، فأطلق سبحانه بغير تحديد ذكر الرضاع، والقليل من ذلك والكثير فرضاع بإجماع الناس، وليس في ذلك تحديد بقليل ولا كثير، وقد ذكر عن رسول الله ÷ أنه قال: «تحرم الرضعة والرضعتان والمصة والمصتان».

  قال يحيى بن الحسين رحمة الله عليه: لم يذكر الله سبحانه الرضاع بقليل ولا كثير، وإنما ذكر الرضاع مجملاً فقال في تحريم نكاح المرضع والمراضع: {وَأُمَّهَٰتُكُمُ ٱلَّٰتِيٓ أَرۡضَعۡنَكُمۡ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ}، فكل من انتظمه اسم الرضاع فهو حرام في النكاح واسم الرضاع فقد ينتظم الراضع رضعة ورضعتين وماص المصة والمصتين كما ينتظم راضع الشهر والشهرين والسنة والسنتين لا يمتنع لب عاقل من قبول ذلك، ولا يكون أبداً عند أهل الفهم إلا كذلك.

  إن سأل سائل فقال: هل تجدون شيئاً محرماً على مسلم ليس في كتاب الله الأعظم تحريمه مثبت منير، وفي الإجماع عن رسول الله ÷ واضح مذكور؟

  قيل له: لا، وكذلك ولله الحمد قولنا، وإلى ذلك يؤول مذهبنا ورأينا، فنقول: إنه لا يحرم على المؤمنين إلا ما حرمه الله في الكتاب المبين أو صح تحريمه من الله على لسان الرسول الأمين.

  وما كان من تحليل أو تحريم من الله الواحد الجليل فهو مبين في الكتاب أو فيما نقل عن الرسول من الأسباب، فما صح تحليله من الله أو تحريمه وجد في كتاب الله ذكره، وما حرم على لسان الرسول ÷ فعله فثابت في الإجماع عن الرسول ÷ أمره لا يختلف فيه الرواة من التابعين، ولا يذهب عن فهم أهل العلم من العالمين.