المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب تسمية أوقات الصلوات في كتاب الله وعددها

صفحة 73 - الجزء 1

  صلى الظهر والعصر وظل كل شيء مثله، فوجب بفعله هذا أن وقت الظهر بكله وقت للعصر، ووقت العصر كله وقت للظهر؛ لأن من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله وقت واحد ممدود لا مرية فيه، وقد صَلَّى رسول الله ÷ في هذا الوقت الواحد الظهر والعصر عند زوال الشمس، [ومن فعل ذلك]⁣(⁣١) فقد أدى الصلاتين في أوقاتهما؛ لأن أول الوقت كآخره، وآخر الوقت كأوله في تأدية صلاتهما، غير متعد لفعل رسول الله ÷، وكذلك من صلاهما في آخر الوقت فقد صلاهما في أوقاتهما.

  قلت: فبين لي آخر الوقت، ما هو؟

  قال: قد بيّنت لك فيما شرحت لك وأجبت أن وقت الظهر كله وقت للعصر، ووقت العصر كله وقت للظهر، ووقت العصر إلى أن تدرك منها ركعتان قبل غروب الشمس أو ركعة، وبذلك جاء الأثر الصحيح عن رسول الله ÷، ولم يختلفوا في رواية هذا الخبر أن رسول الله ÷ قال: «من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها ومن أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها»، روى ذلك من العراقيين ابن أبي شيبة وغيره، ومن أهل اليمن عبد الرزاق اليماني، عن مَعْمَر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول الله ÷ قال: «من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها».

  وروى هذا الخبر عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن ذكوان، عن أبي هريرة، فقول رسول الله ÷: إنه من أدرك من العصر ركعة [قبل أن تغرب الشمس]⁣(⁣٢) فقد أدركها - يوجب أنه في وقت منها لم يفت الوقت، فافهم ذلك وتدبر ما شرحت لك من وقت الظهر والعصر، فلك فيه كفاية إن شاء الله.


(١) ما بين المعقوفين من نسخة (٥).

(٢) من نسخة (٥).