باب تسمية أوقات الصلوات في كتاب الله وعددها
  وكذلك صح لنا الخبر عن رسول الله ÷ أنه كان يجمع بين الظهر والعصر إذا زالت الشمس في السفر، وإذا حانت المغرب جمع بينها وبين العشاء، روى هذا الخبر عبد الرزاق عن ابن جريج، قال: أخبرني الحسين بن عبد الله بن عباس، عن عكرمة وكريب أن ابن عباس قال: ألا أخبركم عن صلاة رسول الله ÷ في السفر؟ قلنا: بلى، قال: «كان إذا زاغت الشمس من منزله جمع بين الظهر والعصر قبل أن يركب، وإذا لم تزغ له في منزله سار حتى إذا حانت العصر نزل فجمع بين الظهر والعصر، وإذا حانت المغرب وهو في منزله جمع بينها وبين العشاء، وإذا لم تحن له في منزله ركب حتى إذا حانت العشاء نزل فجمع بينهما».
  فهو دليل على ما قلنا: إن وقت الظهر وقت للعصر، وأن وقت العصر وقت للظهر.
  قلت: قد فهمت ما ذكرت من وقت الظهر والعصر، فبين لي وقت المغرب والعشاء، هل يكون وقت المغرب للعشاء ووقت العشاء للمغرب وقتاً؟
  قال: نعم، أبينه لك إن شاء الله من الكتاب، ومما رووا من الأخبار؛ فأما ما في الكتاب فإن الله تبارك وتعالى يقول لنبيه ÷: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ ١ قُمِ ٱلَّيۡلَ إِلَّا قَلِيلٗا ٢ نِّصۡفَهُۥٓ أَوِ ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِيلًا ٣ أَوۡ زِدۡ عَلَيۡهِ وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِيلًا ٤}[المزمل]، فكان ذلك من الله توقيتاً لما فرض من الصلاة في الليل من المغرب والعتمة فرضاً، والدليل على أنه عنى بذلك الفرض قوله سبحانه من بعد ذلك: {وَٱللَّهُ يُقَدِّرُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحۡصُوهُ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡۖ فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرۡضَىٰ وَءَاخَرُونَ يَضۡرِبُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَبۡتَغُونَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَءَاخَرُونَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنۡهُۚ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ}[المزمل: ٢٠]، فدَلَّ سبحانه بقوله: {وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ} على أن ذلك من الصلاة فرض كفرض إيتاء الزكاة؛ إذ ضمه إليها، ولو