المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم]

صفحة 84 - الجزء 1

  قال: قوله لنبيه: {ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ ١}⁣[العلق]، وقوله أيضاً: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ}⁣[النور: ٣٦]، قوله: (أَذِنَ) أي: أمر، ثم وكد مع أمره له بتظليم من منع الجهر في مساجده، فقال: {وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ}⁣[البقرة: ١١٤]، فذلك كله تأكيد من الله بالجهر باسمه؛ لعلمه تبارك وتعالى بمن يخالف أمره، ثم جعل ذلك مكرراً في أم الكتاب التي أنزلها الله على نبيه، فقال: {وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَٰكَ سَبۡعٗا مِّنَ ٱلۡمَثَانِي وَٱلۡقُرۡءَانَ ٱلۡعَظِيمَ ٨٧}⁣[الحجر]، وهي أم الكتاب، فأولها: ، ثم جعل من بعد أول السورة تكريراً لعلمه بمنابذة المنابذين لاسمه وإخفائه، فقال بعد اسمه: {ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٢ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ٣}⁣[الفاتحة]، والرحمن الرحيم هو نصف الجهر ولم يُخْفِ الذي أخفى إلا اسم الله الذي أمر الله نبيه أن يقرأه، وظلم من منع الجهر به في المساجد، فمن ادعى من المخالفين أنه إنما أخفى ؛ لأن النبي أخفاها، قلنا له: أحلت ورويت عن النبي ÷ أنه فعل غير ما أمره الله به إذ قال له: {ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ}⁣[العلق: ١]، وكيف يخفي ÷ ما وكد الله ø في إظهاره في السورة التي هي أم الكتاب مرتين، فلو كان ÷ أمر بإخفائها كما ادعيت أيها المدعي ورويت من الزور لأخفى الرحمن الرحيم، بعد قراءته: {ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٢}، وكيف يفعل ذلك ÷ وقد أمره الله به أمراً، وكذلك لو فعلت أنت أيها المدعي من الإخفاء إذا قرأت الحمد لله رب العالمين، فأخفيت الرحمن الرحيم ولم تجهر بها ظاهراً إذا كنت في مثل صلاة الفجر أو مثل صلاة الليل لأكفرك أهل مقالتك، ولأبطلوا⁣(⁣١) صلاتك؛ لأن الأمة أجمعت كلها من جهر منها ومن لم يجهر أنه لا بد من قراءة الحمد في الصلاة، وكلهم


(١) وأبطلوا. نخ (١، ٢).