شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر مسائل أصول الدين وما يتبعها]

صفحة 105 - الجزء 1

  والسَمْعُ إذ جَاءَ بهِ التَنْزِيلُ ... ومَا أَتى بِشَرْحِهِ الرسولُ

  مُنَبّهاً عَنْ وَسْنَةِ الإغْفَالِ

  قد تقدم تفسير الدلالة.

  و (الصحة): نقيض الإستحالة، تقول: هذا الأمر يصح، وهذا يستحيل، والمراد بالصحة هاهنا: الصدق، مأخوذ من صحة الخبر.

  و (الفكر): معروف يعلمه الإنسان من نفسه، وهو نظر القلب.

  و (التدبير): هو التمييز وقياس بعض الأمور ببعض.

  و (العقول): هي علوم يخلقها الله - تعالى - في القلوب؛ والقلوب محالها وأوعيتها، وليست القلوب التي هي البضع عقولاً لأنها ثابتة للنائم والعقل زائل، وتقدم الكلام فيها بما فيه كفاية لكل منصف.

  قوله: (والسمع إذ جاء به التنزيل): يريد بالسمع: دلالة السمع، وهو القرآن الكريم الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ٤٢}⁣[فصلت].

[ذكر مسائل أصول الدين وما يتبعها]

  ولا شك أن القرآن الكريم شاهد لكل مسألة مما ذهبنا إليه من التوحيد والعدل، ومسائل الوعد والوعيد، وما يتبعهما، وما يتعلق بهما وينبني عليهما من النبوءة، والإمامة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والولاء، والبراء، ونحن نذكر في كل مسألة على وجه الإختصار شاهداً من السمع، ونحذف التطويل ليتم غرضنا بالكتاب، ونفيء بشرطنا، ويصدق وعدنا في الإيجاز، لأن المسائل التي تقدم ذكرها تنقسم إلى ما يصح الإستدلال عليها بالسمع ابتداءً، وإلى ما لا يصح إلا بعد الدلالة العقلية، فلنبدأ من ذلك بالشاهد على وجوب النظر، ثم على إثبات الصَّانع، ثم نتبع ذلك ما يليق به من