[الطرق الدالة على حدوث الأجسام]
  وقال رسول الله ÷: «من أخذ دينه عن التفكر في آلاء الله، وعن التدبر لكتاب الله، والتفهم لسنتي، زالت الرواسي ولم يزُل، ومن أخذ دينه عن أفواه الرجال، وقلدهم فيه ذهبت به الرجال من يمين إلى شمال، وكان من دين الله على أعظم زوال»(١)، فهذه وجوه كثيرة بعضها كافٍ في الإحتجاج على قبح التقليد؛ فكيف بمجموعها؟!، مع أنَّا تركنا وجوهاً أُخر مما يدل على قبحه ميلاً إلى الإختصار، وتماماً بما وعدنا في أول الكتاب من الميل إلى الإيجاز والتخفيف، فبطل التقليد ووجب إتباع الدليل، ونسأل الله - تعالى - بلوغ الغاية القصوى من رضوانه، والمصير إلى رفيع جنانه.
[الجواب على من قال بأن أهل البيت (ع) يأمرون الناس باتباعهم تقليداً]
  فإن قيل: هذا ما كنا نبغي حيث كفيتمونا مؤنة أنفسكم، وأبطلتم قولكم بقولكم، وكفاك على الخصم ناصراً أن يحتج على نفسه بأن ينقض قوله بقوله، وذلك لأنكم تلزمون كل فرقة الرجوع إليكم، والتعويل في المهمات عليكم، وتُسَفِّهونَ أحلامَهم، وتَذمُّونَ شُيوخَهم وأكابرَهم، وتُنَفِّرُونَ الناسَ عنهم، بل من ولي الأمرَ منكم حمل الناس على إتباع طريقته بالسيف حملاً ليس فيه هَوَادَةً ولا رِقَّةً، علم المسلمون ذلك ممن عاصرهم منكم مشاهدة، وممن تقدم من آبائكم نقلاً ورواية، وهذا كما ترون أمر بالتقليد على أبلغ الوجوه، فإذا قد احتججتم بما تقدم نشطتم العقال، وكفيتمونا مؤنةَ الجدالِ، وطلب كل منا بمبلغ حسنه، واستغنى عن غيره بنفسه، ولقد بلغ المسلمين عنكم أنكم تَعْجَبُونَ وتُعَجِّبُون، من رواية بلغتكم عن بعض أكابرهم الغابرين، وأهل الإجتهاد في نشر ذلك الدين، أنه يضيف إلى بعض علمائكم أنه خالف في الدين، ونفَّر المسترشدين، وتقولون لمن حضركم هذا عكس الواجب، فنعوذ بالله من حيرة العَمِين، وجهل
(١) رواه الإمام أبو طالب في الأمالي ص (١٤٨) عن علي # مرفوعاً، وروى الرصاص في مصباح العلوم والأمير الحسين في الينابيع (٣٠).