(مسألة الإمتحان)
  أمر بها بمبلغ طاقته، وللمريض زيادة الخشوع والإنقطاع الذي يعلمه كل عاقل منصف من نفسه، فالأمر بالضد مما توهمه السائل وعكسه.
[بيان وجه الحكمة في ألم الأطفال]
  فإن قيل: إذا ثبت هذا في حق المكلفين فما وجه الحكمة في ألم الأطفال؟.
  قلنا: ليعتبر بهم المكلفون، ويعوضهم على ذلك ربُّ العالمين، فإن الله - تعالى - قد ذخر لهم على آلامهم ما يصغر عندهم الآلام ويهون المشاق، فلذلك حسن أَلَمُهُمْ فظهر وجه الحكمة فيه.
  يزيد ذلك ظهوراً: أن كل عاقل منصف يعلم أنه يحسُن من الآباء إيلام أبنائهم؛ لتأديبهم وتعريفهم في وجوه مكاسبهم، وربما كان نفعاً يعود على الآباء، فإن عاد عليهم فهو مظنون الحصول، فقليل البقاء بعد التحصيل، فإذا حسن ذلك من الآباء بالإتفاق لهذا الغرض، وقد ثبت أن الله - تعالى - غني ولا يريد إلا مجرد نفعنا مع أنه أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا، وأحسن نظراً لنا، ويعلم الغيب فلا يعرضنا إلا لنفع يصل إلينا لا محالة، حَسُن في عقل كل عاقل بطريقة الأولى إيلامه لنا في حال الطفولية لما يحصل لنا على ذلك من الأعواض الباقية الدائمة، ويدخر لنا من المنافع الخالصة من الشوائب في الآخرة، وقد قال رسول الله ÷: «نحن معاشر الأنبياء أشد بلاءً والمؤمنون الأمثل فالأمثل(١)»، فأخبر - عليه وآله السلام - أن البلوى تنزل بمن لا يستحق العقوبة من
(١) أخرج نحوه الإمام المرشد بالله في الأمالي عن علي # بلفظ: «يا علي، إن أشد الناس بلاء في الدنيا النبيون، ثم المؤمنون، ثم الذين يلونهم» ورواه الإمام أبو طالب أيضاً في الأمالي ٤٢٨ باختلاف في اللفظ، والطبراني في الأوسط (٦/ ٣٥٥) رقم (٩٠٤٧)، والكبير (٢٤/ ٢٤٥) رقم (٦٢٨)، وأخرجه بألفاظ متقاربة في مسند أحمد (١/ ١٨٥) رقم (١٦٠٧)، سنن الترمذي (٤/ ٦٠١) رقم (٢٣٩٨)، سنن ابن ماجه (٢/ ١٣٣٤) رقم (٤٠٢٣)، سنن الدارمي (٢/ ٤١٢) رقم (٢٧٨٣)، صحيح ابن حبان (٧/ ١٦٠) رقم (٢٩٠٠)، المستدرك (١/ ٩٩) رقم (١٢٠)، السنن الكبرى (٤/ ٣٥٢) رقم (٧٤٨١)، مسند أبي يعلى (٢/ ١٤٣) رقم (٨٣٠).