[الكلام على أصحاب الكواكب في نفي الصانع]
  حس ودركة(١) أثبتوا في الحي معنى حسَّاساً سَمَّوه القوة الحساسة، وسموه النفس الحسيَّة، وطلبوا لاختصاصه من بين الأجسام بهذه الحالة ونفي الحكيم المختار - سبحانه - على الحد الذي أثبتناه عليه، من أن الفرع والأصل في ثبوت الحاجة إليه على سواء، فقالوا: لا بد من اعتدال المزاج وهو المؤثر في ذلك.
[الكلام على أصحاب الكواكب في نفي الصانع]
  وقال أصحاب الكواكب(٢) منهم: المؤثر في ذلك الكواكب، وإعتدال المزاج شرط.
  ومنهم من قال: المؤثر(٣) في ذلك النفس الكلي أو جزء منه، على حسب اختلافهم في فروعهم.
  والكلام على الجميع على وجه الإختصار أنا نقول لهم: إذا كان الموجب الأول وهو لا يختص في الإيجاب إلا بأمر واحد، فما العلّة في حصول أكثر من واحد في الثاني والثالث والرابع؟ وما العلة في إيجابه مختلف الإيجاب والموجب والأول غير مختلف، بل متضاد الموجب والإيجاب؟ والعلل الأولى عندهم غير متضادة، ولأن الضد لا يولد ضده بالدلالة والبديهة لأنه إلى نفيه أقرب منه إلى إيجابه، ولأن الموجب لا يختص بوقت دون وقت؛ لأن الأوقات معه على سواء ونحن نرى هذا الصنع المتقن يحصل شيئاً بعد شيءٍ وحالاً بعد حال، والإستقصَّات(٤) موجودة، والعلل الأولى موجودة، وهي لا تفتقر في
(١) الدَرَكة: هي الإدراك، وفي (ن): حس ودرك.
(٢) أصحاب الكواكب: وهم فرقتان توجهتا إلى الشمس والقمر.
أولاً: عبدة الشمس: زعموا أن الشمس ملك من الملائكة لها نفس وعقل وهذه النفس هي النفس الكلية.
ثانياً: عبدة القمر: زعموا أن القمر ملك من الملائكة، وإليه تدبير العالم وأنه يستحق الخضوع والسجود والعبادة إلى غير ذلك من الأكاذيب والأباطيل، وهي من الفرق الكفرية التي توجد بالهند قديماً وحديثاً.
(٣) في نسخة: بل المؤثر في ذلك.
(٤) في (ن، م): الإستقصاءات.