(يتلوه الكلام في أن الإمامة في أولادهما وأنها مقصورة عليهم)
[الكلام في وجوب قصر الإمامة على أولاد البطنين واشتراط المنصب]
  فلنتكلم على صحة مذهبنا كما وعدنا معتمدين على الإستعانة بالله - تعالى - والإستهداء له لما يقرب منه ويوجب الزلفة لديه إنه قريب مجيب: وقد تقدم ذكر مذهبنا بكماله في أن الإمامة بعد علي وولديه الحسن والحسين $، مقصورة على من قام ودعا من أولادهما المنتسبين بآبائهم إليهما، وهو جامع لخصال يجب إعتبارها بعد هذا المنصب الشريف هي: العلم، والورع، والشجاعة، والسخاء، والفضل، والقوة على تدبير الأمر بالعقل والرأي، والسلامة من الآفات المانعة من ذلك كزيد بن علي # ومن حذا حذوه من العترة الطاهرة $.
  ولنا في اعتبار هذا المنصب الشريف مسلكان:
  أحدهما: أن نقول: قد بينا فساد أقوال المخالفين بالنص وجواز الإمامة في جميع الناس، وقول من قال إنها مقصورة في قريش، ولم يبق من أقوال الأمة سليماً من الفساد إلا هذا القول، فلو قيل ببطلانه لخرج الحق عن أيدي الأمة وذلك لا يجوز؛ لأنهم الأمة المختارة الوسطى، والله - سبحانه - لحكمته لا يختار من يخرج الحق من يده.
  وإن شئت الإحتجاج على هذا الوجه، قلت: قد فسد القول بجوازها في جميع الناس؛ وهو قول الخوارج، وفسد القول بثبوت النص؛ وهو قول الإمامية ومن تبعها، فوجب إعتبار المنصب.
  وأهل المنصب فرقتان:
  فرقة هم القائلون بأن منصبها جميع قريش؛ وهم المعتزلة ومن طابقهم، وقد تبين فساد قولهم.
  وفرقة قالوا بأنها مقصورة في ولد الحسن والحسين؛ وهم الزيدية الجارودية، فلو بطل قولهم - أيضاً - لخرج الحق عن أيدي جميع الأمة وذلك لا يجوز لمثل ما قدمنا.