[ذكر طرف من أمر الإمام زيد بن علي (ع)]
  معاوية بن إسحاق الأنصاري(١)، وانضَّمت إليه طائفة عظيمة وتخلف قوم وانسل آخرون من الزحف فقال #: (أظنهم فعلوها حسينيَّة) فعاد إلى القتال وراوحه ثلاثة أيام، وصارح بشعار رسول الله ÷، واستنصف في كل يوم من عدوه؛ بل ظهر له الفضل عليهم، وشهر مكانه ~، فكان كأنَّه اللَّيث المغضب ما صد كتيبة إلاَّ كسرها.
[ذكر مقتله ونبشه وصلبه وبعض كراماته (ع)]
  إلى أن كان آخر يوم الجمعة، وقد اشتد عليه وعلى أصحابه الأمر، وملكت عليه الكوفة، ودخلتها الأجناد العظيمة، وفي الحيرة مع يوسف بن عمرو - لعنه الله تعالى -، أجناد متكاثفة، وقد قسم أصحابه # فرقتين؛ فرقة بإزاء أهل الكوفة، وفرقة بإزاء أهل الحيرة، جاءه سهم فأصاب جبينه رماه به داود بن سليمان بن كيسان من أصحاب يوسف بن عمر، وغشي العسكرين الليل فراح كل إلى مكانه، فحُمل # إلى دار في سكة البريد جريحاً وقد كان قال لأصحابه: (إدخلوا في دار معاوية بن إسحاق، فقالوا: إنك قد شهرت فيها ونخشى الطلب)، فأدخلوه الدار التي ذكرنا وجاؤه بطبيب فذكر له أنه يخشى عليه الموت إن نزع النَّصل، فأوصى # ولده يحيى - قدس الله روحه - بجهاد أعداء الدين، والدعاء إلى سبيل ربِّ العالمين، وأمر بما يأمر به مثله، ثم قال للطبيب: (إنزع النَّصل، فنزعه وفاضت نفسه - ~ وسلامه -.
  وتراجع أصحابه في أمره، فمنهم من أمر بإلقائه في الفرات، فكره ذلك عليهم ولده يحيى #، ومنهم من أشار بقطع رأسه والإحتفاظ به وطرح جسده في القتلى فكره ذلك - أيضاً -، فأجمع رأيهم بعد ذلك على قبره في ساقية نَحَّوْا عنها الماء، فلما
(١) معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري السلمي من خلص أصحاب الإمام زيد بن علي #، واستخفى في داره وقتل معه في المعركة وصلب أيضاً.