[ذكر وقعة أحجار الزيت للإمام محمد بن عبدالله النفس الزكية (ع)]
  قاتل قتاله بعد جده علي بن أبي طالب #، وكان خطيباً مصقعاً، إستتر أكثر دهره في آخر أيام بني أميَّة وأول أيام بني العباس، وكان أهل البيت مجمعين على إمامته قد بايعوه مراراً، ولم يتمكن من الخروج لظهور أمر الظالمين، حتى كان أبو جعفر هذا فيما يروى ممن بايعه قبل مصير الأمر إلى بني العباس، وبنوا العباس يومئذٍ لا يطمعون بشيءٍ من الأمر إلاَّ من تحت أيدي العترة، فاعجب في المقادير، ولعمري إن مصير الأمر إليهم كان مثل الإختلاس؛ لأن ظهورهم، بزعمهم، كان للطلب بثأر زيد بن علي # حتى انتظم لهم الأمر واجتمعت إليهم الشيعة، فلما تمكنوا أضافوا الأمر إلى أنفسهم ورفضوا العترة؛ بل قتلوا الأئمة والأعيان، وأعانهم على ذلك جنود الشيطان، ممن أجزلوا له العطايا من الحرام، وملأوا يديه من الحطام.
[قيامه (ع)]
  عدنا إلى محمد بن عبدالله #، فلما كان في زمان أبي جعفر وانتهى في أمر آل محمد ÷ إلى ما انتهى من أسر جميع بني الحسن وهم مصابيح الدجى، وأرباب الحجى، فرقاً(١) من محمد بن عبدالله وأخيه إبراهيم لما كان يعلم من إرتفاع أمرهما وعظم قدرهما، فدعا محمد بن عبدالله عند ذلك إلى نفسه بعد إستتاره الدهر الأطول، كما قدمنا، وأنفذ الدعاة إلى الآفاق وظهرت دعوته بخراسان، وبايع له جمهور أهل خراسان، وتقوى الحال، وكان قيامه # وشهر رايته وسيفه في غرة رجب سنة خمس وأربعين ومائه، وعليه قلنسوة صفراء وعمامة فوقها متوشحاً سيفاً وهو يقول لأصحابه: (لا تقتلوا لا تقتلوا) ودخل المسجد قبل الفجر فخطب الناس، ولما حضرت الصلاة نزل فصلى وبايعه الناس طوعاً؛ إلاَّ من خطر(٢) له، وكان رياح بن عثمان المري عاملاً لأبي جعفر على المدينة، فلما ظهر أمر محمد بن
(١) فَرَقاً: أي خوفاً، تمت.
(٢) هكذا في الأصل وأظنه إلا من لا خطر له أي إلا من لا شرف له وقد تكون من الخاطر والهواجس والعبارة صحيحة، والله أعلم.