(مسألة الشفاعة)
  أسيرٍ، قد يحسن أن يقال: شفع ولده إليه في الزيادة في راتب الوزير، وإجلاسه معه على السرير، فكما أن الشفاعة تحسن وتنفع في دفع المحذور، قد تحسن وتنفع في جلب السرور.
[الدليل على أن الشفاعة ليست للفساق]
  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه قول الله - تعالى - وهو لا يقول إلا الحق: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ١٨}[غافر].
  ووجه الإستدلال بهذه الآية: أن الله - تعالى - نفى على العموم أن يكون لأحد من الظالمين، يوم القيامة حميم من المؤمنين، ولا شفيع مطاع من المقربين، والفاسق ظالم كالكافر، وإثبات ما نفى الله - تعالى - لا يجوز.
  أما أنه تعالى نفى أن يكون لأحد من الظالمين حميم ولا شفيع يطاع: فذلك ظاهر؛ لأنه أدخل حرف النفي على شفيع، وهو نكرة شائعة، فاقتضى العموم بدلالة جواز الإستثناء.
  وأما أن الفاسق ظالم كالكافر: فذلك معلوم مِنْ عُرْفِ العلماء، وأكثر الفساق ظلمة شرعاً ولغةً وعرفاً، ولم يفرق بينهما أحد من أهل الخلاف في الشفاعة فيما سبق، فإحداث الفرق في وقتنا لا يجوز؛ لأنه يكون خارجاً عن سبيل الأمة وذلك لا يجوز.
  وقد ورد في الشرع أن العاصي ظالم لنفسه، فلا يخرج أحد من الفساق عن اسم الظلم كما قدمنا.
  وأما أن إثبات ما نفى الله لا يجوز: فظاهر؛ لأن إثباته يكون تعقباً لحكمه، وتبديلاً لكلماته، ورداً عليه في قوله، وتحكماً عليه في سلطانه؛ وذلك لا يجوز بإجماع الأمة، فلو شفع النبي ÷ للفساق؛ والحال هذه، كان الأمر لا يخلو من أحد أمرين باطلين.