[شبهات وردود حول آية: {وجعلني نبيا 30}]
  وإمَّا أن يكون غير نبي في تلك الحال فيكون قوله: {وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ٣٠}[مريم] كذباً فيكون كاذباً ولا يجوز ذلك، ولم يقل به أحد من المسلمين، لأن الكذب على الأنبياء $ لا يجوز قبل النبوءة ولا بعدها؛ بل هم معصومون عنه في جميع الأحوال.
[شبهات وردود حول آية: {وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ٣٠}]
  فإن قيل: المراد بذلك سيجعلني نبياً، وبه فسره بعض آبائكم $.
  قلنا: نحن نقدة علم آبائنا $ ومعنا شاهده، ونحن رواة ذلك، فلم تصح لنا هذه الرواية، ولأنهم $ لا يخالفون دلالة العقل ومحكم القرآن؛ بل نحن نعرض ما روي عنهم $ على محكم القرآن.
  ألا ترى أن ظاهر الآية يقضي بأنه نبي في تلك الحال.
  فإن قيل: المراد من جهة المعنى: سيجعلني نبياً.
  قلنا: ذلك بالإختلال من طريق المعنى أولى، لأن واحداً لو قال: علمت كذا وكذا من فنون العلم.
  ثم بحثناه عن ذلك فوجدناه جاهلاً بما ذكر أنه به عالم لعلمنا كذبه، لأن الخبر عن الشيء لا على ما هو به كذب عند أهل العلم بذلك، كما أن الصّدق الخبر عن الشيء على ما هو به. فإن قال: مرادي أني سأعلمه في المستقبل. لم يكن ذلك مخلصاً له عن الكذب عند أهل المعرفة، ومثل ذلك لو قال: تصدقت على فلان بعشرة دنانير. وظهر لنا أنه لم يعطه شيئاً فإنَّا نكذبه ولا نعذره بقوله: أردت سأتصدق عليه.
  وتأويل كتاب الله - تعالى - لا يجوز وقوعه إلاَّ بأحد ثلاثة أوجه: عقل، أو نقل، أو لغة، بعد أن يجمع المؤول له شروطاً لا يحتمل الكتاب ذكرها لميلنا فيه إلى الإختصار، فكيف يفسر بما لا يعقل؟.