[الطرق الدالة على حدوث الأجسام]
  وقوله: (ولم يسلمن لحكم الإبطال): يريد؛ ولم يبطلن، وقوله: يسلمن: نقيض يمتنعن، والجميع مجاز، وهو شائع لا مانع منه لغة ولا شرعاً.
  (والإبطال): هو الإذهاب لها.
  (وعدم الذات): إرتفاع وجودها عن الدهر.
  (فانظر بعين الفكر): معناه بفكر، وعين الفكر هي: القلب، والنظر هاهنا نظر القلب.
  والنظر هو الذي يوصل إلى المعرفة قبل تجلي الأمور باضطراره(١) سبحانه للعباد إلى ذلك عند انقطاع التكليف.
  وقوله: (غير آل): يريد؛ غير مقصر في النظر، وقد تقدم الكلام على معنى هذا التكليف فيما تقدم من ذكر الأعراض وأنها غير الأجسام، وأنها محدثة، وأنه لايعقل وجود الجسم إلا عليها على سبيل البدل، وفي ذلك كفاية عن الإطالة، وراحة عن الملالة.
[بيان أن الجسم لا ينفك عن الأحوال]
  [٨]
  مَا انفَكَ عَنْها الجِسمُ أَينَ مَا كَانْ ... في دَاني الأرضِ وَقَاصِي البُلدانْ
  وغَابِرِ الدهرِ وباقي الأزمانْ ... كلا ولا يَدْخُلُ تَحْتَ الإمْكَانْ
  خروجُهُ عَنْها مِنَ المَحَالِ
  هذا زيادة إيضاح وإلا ففيما تقدم كفاية.
  قوله: (ما انفك): معناه ما انفصل عنها.
  و (الجسم): المراد به الأجسام(٢).
(١) لأن معرفة الله سبحانه وتعالى في دار الدنيا لا تحصل إلا بالنظر والإستدلال، أما بعد انقطاع التكليف فإنها تحصل ضرورة بالإضطرار لكل مكلف على ما ذلك مقرر في مواضعه.
(٢) لأن الألف واللام في قوله: (الجسم) للجنس.