شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[المنصور بالله (ع) يذكر حالته مع الطالب المسترشد]

صفحة 558 - الجزء 1

  (المصحف) معروف: وهو القرآن الكريم الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ٤٢}⁣[فصلت]، فهو أشهر من أن يُعَرَّف.

  و (الدفتر) معروف: وهو الكتاب الذي يتضمن شيئاً من علوم العبادة، ولا وجه لذكر أنواع العلوم ها هنا.

  يقول: لم أزل بين هذين متردداً من هذا إلى هذا حتى استقامت أموري بتوفيقه ومنِّه، فصرت أقول ما أقول عن معرفة، ولا أقطع عن أمر من الأمور بغير دلالة.

  (وتمَّ بالله العظيم نوري): يريد؛ كمل، و (النور) هو العلم ها هنا، لأن به يهتدى في ظلمات الجهل كما يهتدى بالنور في ظلمات الليل وما شاكلها.

  وقوله: (بالله): يريد؛ بتوفيقه، وتسديده، وعونه، وتأييده.

[المنصور بالله (ع) يذكر حالته مع الطالب المسترشد]

  [٨٣]

  كمْ طالبٍ جاءَ مُجِدّاً في الطلبْ ... أدركَ عندي في العلومِ ما أَحَبْ

  لَقَّيْتُهُ بِشْرَاً وعلماً منتخبْ ... كأنهُ صِنويَ من أمٍ وأبْ

  أراد بقوله: (كم): تكثير طالب العلم عند الله - سبحانه وتعالى - وعند خيار خلقه وإن كان قليل الذات، ولم لا وهو عز من قائل يقول: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ ١٣}⁣[سبأ].

  ومعنى (المجد) والمجتهد واحد، وهو نقيض المتواني والهازل.

  (أدرك عندي في العلومِ ما أحب): يريد؛ أصاب ما أراده. ومعنى الحب والإرادة واحد، لأنك لا تقول: (أحببت هذا الأمر وما أردته، ولا أردته ولم أحبه)؛ بل يعد من قال ذلك مناقضاً جارياً مجرى من يقول: (أردته وما أردته).