(يتلوه الكلام في أن الإمامة في أولادهما وأنها مقصورة عليهم)
  ومما يجب أن يلحق بما قدمنا أن يكون عالماً بمواضع الإجماع من فروع الشريعة؛ لأن الإجماع قد أخرجها عن باب القياس والإجتهاد وألحقها بالأصول التي يجب الرجوع إليها، وقد تقدم وجوب معرفته بالأصول، فما لم يعرف ذلك لم يأمن من أن ينزل به حادثة قد وقع الإجماع على الحكم فيها فيجتهد في أمرها فيخالف أمراً لا يجوز له خلافه ويجتهد في أمر قد سقط عنه فرض الإجتهاد فيه، وذلك لا يتأتى إلا بأن يعرف جملة من الفروع.
  ونريد بقولنا عالماً بمواضع الإجماع: العلم في عرف الشرع دون الكلام كما نقول: القاضي عالم بحكم الحادثة ولا يقضي إلا بما يعلم، وأكثرها لا دليل عليه يوصل النظر فيه إلى العلم وإنما عليه أمارات شرعية؛ فكذلك علمه الذي قلنا بالإجماع، فهو يلحق هذا الباب فيعرف ما يوجب عليه الرجوع إلى الإجماع وترك النظر في الحادثة من خبر آحاد أو تواتر على ما ذلك مقرر في مواضعه من أصول الفقه.
  ويلحق بذلك أن يعلم جملة من أخبار النبي ÷، وقد تقدم الكلام في معرفته بأحكامها في أصول الفقه؛ لأنا أوجبنا أن يكون عارفاً بها، فمتى صار عالماً بما ذكرنا، أو بمهمه كان معه من العلم القدر الذي تثبت به إمامته، ويجب على الكافة طاعته، إذا انضمت إليه الشرائط الأخرى التي قدمنا ذكرها.
  وإن لم يكن عالماً بالطب، والهندسة، والنجوم، والفلسفة، فلا يقدح ذلك في شيءٍ من أمره لوجهين، أحدهما: أن أكثر ذلك لا يجوز الإعتماد عليه.
  الثاني: أن ذلك لا يتعلق بباب الآخرة، وأكثر من يعتمد عليه من أنكر الصانع والمعاد، وحرص على الحياة التي لا سبيل في بقائها في دار الزوال والنفاد.
[لا يجب أن يكون الإمام أعلم الناس]
  ولا يجب مع ذلك كونه أعلم الناس لوجوه:
  منها: أن المعرفة بذلك لا تتأتى مع كثرة البلدان وانتشار هذا الدين الشريف في أكثر أقطار الدنيا، فلو كان من فرضنا وفرض الإمام اعتبار كونه أعلم الناس، وقد علمنا