شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الإمام المنصور بالله (ع) يصف حاله مع هذا الخصم]

صفحة 561 - الجزء 1

  وراهن قيساً على فرسيه. وعلى القصة الأولى الأكثر من أهل المعرفة، وهي الأليق بالحال، ففي الحديث: أن الخيل لما ألقى مقوسها - وهو حبل يعرض على وسطها الإجتهاد في التساوي - بدرت فرسا حذيفة فقال: (سبقت يا قيس)، فقال قيس: (قليلاً يتعاطين الجدَدَ)، فأرسلها مثلاً، فسبقت فرس قيس الغبراء سبقاً ظاهراً على أعيان العرب، وضرب حصانه الداحس في وسط الميدان فكان له السبق، والقصَّة تطول، والكلام ذو شجون، والعلم ذو فنون.

[الإمام المنصور بالله (ع) يصف حاله مع هذا الخصم]

  [٨٦]

  أرفَعُهُ حَينَاً وحيناً أُنْزِلُهْ ... حتى بَدتْ حِدَّتُهُ وأفكُلُهْ

  وصحَّ لِلحُضَّارِ طُرَّاً زَلَلُهْ ... وَنَفِدَتْ عند الخِصَامِ عِلَلُهْ

  هذا وصف حاله مع هذا الخصم يعليه مرة وينزله أخرى، وذلك لشدة الإستظهار بالله - سبحانه - وهدايته، لا بحوله ولا قوته، فصار حاله معه كمن يصرع قِرنه⁣(⁣١) ثم يقيله، ثم يصرعه مرة أخرى، فذلك يكون أبلغ في الإستظهار من صرعه مرة واحدة.

  و (الحدة): هي النَّزَق، وهو نقيض الوقار.

  و (الأفكل): هو الرعدة.

  و (الحضار) عند الخصام بمنزلة النظارة عند القتال.

  و (الزلل): هو الخطأ، وأصله دحوض القدم وقلة ثباتها، يقال: زل، إذا عثر وسقط.

  و (العِلَل): هي ما يعلل به قوله، ويحتج به لكلامه.

  (نفدت): نجحت وذهبت فلم يبق له علَّة يعتل بها.


(١) القِرن بالكسر: الكفؤ في الشجاعة.