شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر حجج الله على خلقه]

صفحة 126 - الجزء 1

  فأما في وقت الإمام ففرضُ كلِّ مؤمنٍ الإئتمارُ والتسليمُ له في المحبوب والمكروه، فقد رأيت كيف دلَّ السَّمعُ على جميع مسائل أصول الدين وفروعه وكان كما قال الله - سبحانه وتعالى - فيه: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}⁣[النحل: ٨٩]، وكل مسألة مما قدمنا؛ عليها أدلة كثيرة، موجودة ظاهرة، من الكتاب الكريم، والسنة الشريفة الماضية، ولم نذكر معاني ما قدمنا الإحتجاج به من الآي؛ لأن أكثر مواضعها متأخرة في الترتيب، وأكثرها لا يصح الإحتجاج به ابتداءً إلا بعد الدلالة العقلية، وكان مقصودنا بما ذكرنا من الآيات التنبيه والإشارة إلا أثنى الإستدلال على إمامة الحسن والحسين @ وأن الإمامة مقصورة على أولادهما، فقد ذكرنا في معانيهما وجوهاً كافية لمن طلب الهداية.

[ذكر حجج الله على خلقه]

  فإن قال قائل: وكم حجج الله - تعالى - على خلقه التي جعلتم بعضها أصلاً وبعضها فرعاً وجعلتم جملتها مع ذلك في وجوب الإتباع واحدة؟.

  قلنا: حجج الله - تعالى - على خلقه أربع:

  أولها: العقل، وثانيها: الكتاب، وثالثها: السنة، ورابعها: الإجماع.

[بيان ما هو الإجماع وذكر أقسامه]

  فإن قيل: وما الإجماع؟، وإلى كم ينقسم؟.

  قلنا: الإجماع: هو الإتفاق على قول، أو فعل، أو ترك، أو تقرير، ومعناه ظاهر في اللغة والشرع، وهو ينقسم إلى: إجماع الأمة، وإجماع العترة، وإجماع الأمة ينبني على إجماع العترة، ولا يصح بدونه، وإجماع العترة $ لا يفتقر إلى إجماع الأمة؛ بل يصح بدونه؛ فإذا هم $ أصل كل حق، وقرار⁣(⁣١) كل صدق، ولا شك عند أهل البصائر الذين وفقهم الله - تعالى - للإقرار بفضلهم أنهم أصل الدين وقِوَامُه،


(١) في (ن): وقرارة كل صدق.