[ذكر وقعة الإمام الشيهد زيد بن علي (ع)]
  وهو يقول: (والله لو لم أكن إلاَّ أنا ويحيى ابني لأجاهدنَّهُ حتى أفنى)، فلما بلغ الكوفة يريد المدينة منطوياً على الخروج عليهم لزموه أهل الكوفة؛ بل ردوه من القادسية وبايعوه، وكان من الأمر ما كان.
[صفة مخرجه (ع)، ومخرج أصحابه]
  فخرج # على بغلة شهباء، وعليه عمامة سوداء، وبين يدي قربوس سرجهِ مصحف، والقراء والفقهاء محيطون به، والرايات والألوية تخفق على رأسه وأصحابه # في أهبة جميلة وشارة حسنة، وعدة كاملة، لم تر العيون أحسن منها، وهو يقول #: (أيها الناس أعينوني على أنباط أهل الشام فوالله لا يعينني أحد عليهم إلا رجوت أن يأتي يوم القيامة آمنا حتى يجوز على الصراط ويدخل الجنَّة، والله ما وقفت هذا الموقف حتى علمت التأويل والتنزيل، والمحكم والمتشابه والحلال والحرام بين الدفتين)، ثم سار حتى انتهى إلى الكناسة فحمل على جماعة من أهل الشام كانوا بها. ثم سار إلى الجبانة ويوسف بن عمر - لعنه الله - مع أصحابه على التل، فحمل عليهم ~ كأنه اللَّيث المغضب، فقتل منهم أكثر من ألفي قتيل بين الحيرة والكوفة، وقسم أصحابه فرقتين: فرقة بإزاء أهل الكوفة، وفرقة بإزاء أهل الحيرة، بعد أن لزمت عليه الكوفة، وبلزوم الكوفة تواهن أمره #، وكان خروجه يوم الأربعاء للتاريخ المتقدم، وهو كاره للخروج في ذلك الوقت، ولكنه عجل بالخروج لَمّا اشتد عليه الطلب وخاف أن يوقف على مكانه وهو منفرد عن أصحابه فقاتل الأربعاء والخميس والجمعة نال منهم يوم الأربعاء والخميس أكثر ممَّا نالوا منه # لأنه قتل يوم الأربعاء من ذكرنا، وقتل يوم الخميس من فرسانهم أكثر من مائتين.