شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(وفي مسألة القضاء)

صفحة 160 - الجزء 1

  قوله: (يجزي على الحبَّة بالمثقال): ظاهر الدليل؛ لأنه أخبر أنه يعطي على الحبَّة المعطاة منه ضعف وذلك دليل على ما قلنا وزيادة، وذلك لا يُعلم من غيره سبحانه؛ لأن الحبَّة المعطاة منه وليس كذلك غيره، فلا نجد في أنواع الشكر أبلغ من الإعتراف بالتقصير والثناء، ونسأل الله العون.

(وفي مسألة القضاء)

  [٢٢]

  قَضَاؤُهُ بالحقِّ دُونَ الباطِلِ ... كما أَتَى في السُّورِ النَّوَازِلِ

  وإذْ بِهِ يَفْرَحُ كُلُّ عاقِلِ ... والظُّلمُ يُشجي قَلبَ كلِّ فَاضِلِ

  فَانْظُرْ إلى مَخَارِجِ الأقَوَالِ

  بيَّن في هذا القول بالدلالة أن الله - سبحانه - لا يقضي إلا بالحق، وقد أشار إلى ذلك بقوله: (إذ به يفرح): يريد؛ بقضاء الله - سبحانه - وهو يريد بالفرح هاهنا: الرضى، فلما كان الرضى بقضاء الله، وإن كان كريهاً، يؤدي إلى الفرح، سماه بإسم ما يؤدي إليه، وأمثاله في اللغة كثير جداً.

  وكذلك قوله في الظلم: إنه (يشجي قلب كل فاضل): يريد؛ يسخطه كلّ فاضل مرضي، فلو كان قضاء الله لم يسخطه ساخط من الفضلاء.

  ومعنى الشجا: الإعتراض والسعل، وأكثر ما يستعمل الشجي في القلب، واستعماله في غيره شائع في اللغة.

  فمذهبنا أن الله - تعالى - لا يقضي إلا بالحق، وأن الظلم والمعاصي باطل، والخلاف فيه مع المجبرة.

  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه: ما ثبت من إجماع الأمة أن الرضى بقضاء الله - تعالى - واجب، وأن الرضى بالمعاصي لا يجوز، فلو كانت المعاصي من قضاء الله