(مسألة الإمتحان)
  الوجه الذي أمر به سبحانه المكلف، وهو سبحانه بحكمته وعدله جعل التعبد على عباده مختلفاً على حسب إختلاف القوى والآلات، فلم يكلف نفساً في ذلك إلا ما آتاها؛ لأنه لو كلفهم تكليفاً واحداً في جميع الحالات كان ذلك قبيحاً - تعالى الله عنه - لأنه يكون تكليفاً لما لا يطاق وذلك قبيح.
[إبطال قول المجبرة إن الله - تعالى - ساوى في التكليف ولم يساو في التمكين]
  وقد خالفتنا المجبرة في ذلك، فقالت: إن الله - تعالى - ساوى في التكليف ولم يساو في التمكين، فأبطلنا قولهم بما تقدم من الدليل أن تكليف ما لا يطاق قبيح والله - تعالى - لا يفعل القبيح.
  ألا ترى أنه يقبح أمر المقعد بالصلاة قائماً، وأمر الأعمى بنقط المصحف على جهة الصواب، فظهر بذلك أن الله - تعالى - خالف بين عباده في التكليف، على حسب مخالفته بينهم في التمكين بالقدرة والآلة، كما قال جدنا العالم ترجمان الدين القاسم بن إبراهيم # في رده على المجبرة (فلم يكلف الكريم الرحيم، أحداً من عباده ما لا يطيق، كلفه دون ما يستطيع، وعذرهم عندما فعل بهم من الآفات التي أصابهم بها، ووضع عنهم الفرض فيها، فقال لا شريك له: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}[النور: ٦١]، لما فعل ذلك بهم وأراده، ولم يقل: ليس على السارق حرج، ولا على الزاني حرج، ولا على الكافر حرج لما لم يفعل ذلك ولم يرده) هذا كلامه #، وبه قال كل إمام من آبائه وأولاده $.
  وكذلك صاحب الألم غير مضيع من الثواب الجزيل في حال ألمه مع ما ذخر له الله - سبحانه - من العوض، فقد روينا عن أبينا رسول الله ÷ أنه قال: «إن الله - سبحانه - إذا أنزل على عبده ألماً أوحى إلى حافظيه أن اكتبا لعبدي