[الكلام في مسألة الأرزاق]
  و (الخلق): هو التصوير والتقدير، وهو إذا أطلق أفاد المخلوق، والمخلوق: هو المصور المقدر، هذا في الأصل.
  و (الجل): هو جمهور الشيء ومعظمه.
  و (الدق): هو الجزء القليل منه.
  (لمبلغ الحجة): يريد؛ لإبلاغ الحجَّة عليهم.
  و (الحجَّة): هي الدلالة.
  و (الإجلال): هو التعظيم.
[لماذا رزق الله تعالى العصاة؟]
  ومعنى ذلك: هو أن الله - تعالى - رزق العصاة الذين تقدّت صفتهم ليحتجّ عليهم يوم القيامة الحجة البالغة فيقول: (أكلتم رزقي، و عبدتم غيري، وضيعتم شكري، وخالفتم أمري) فنعوذ بالله أن نكون من أولئك، وأن نخاطب بذلك.
  ولا شك أن ذلك أبلغ في الإحتجاج عليهم من الإحتجاج لو لم يرزقهم ولم ينعم عليهم، ولم يرد بذلك سبحانه تعظيمهم، لأن عطايا الدنيا حجة لا تكشف عن التعظيم، ومنعها لا يكشف عن الإستخفاف، كما روي عن أمير المؤمنين(١) علي بن أبي طالب أنه قال: (لا تعتبروا الرضاء والسخط بالمال والولد جهلاً بمواضع الحكمة ومواقع التدبير، قال الله تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ ٥٥ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ ٥٦}) [المؤمنون].
  ويُصدِّقُ هذا: ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «إن الله يعطي الدنيا من يحب ويبغض، ولا يعطي الآخرة إلا لمن يحب»(٢) فنبه ÷ أن حال الآخرة على العكس من حال الدنيا.
(١) نهج البلاغة في الخطبة التي تسمى القاصعة رقم (١٩٠) ص (٤٠٠).
(٢) رواه الإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية (٢/ ١٦١)، ولم يذكر آخر الحديث.