(فصل): (في أن القرآن: كلام الله تعالى)
  إلى الإسهاب، ومن اتصل بنا بحمد الله من عتاة المتعنتين، أو بررة المسترشدين، علم حقيقة ما قلنا شفاهاً، فالحمد لله الذي ألزم عباده لنا الحقوق، وجعلنا من ذرية الصادق المصدوق؛ حمداً كثيراً طيباً.
(فصل): (في أن القرآن: كلام الله تعالى)
  [٢٦]
  ومِنْهُ قَدْ جَاء الكتابُ المُنْزَلُ .... شَاهِدُهُ البَرُّ النَبيُّ المرسلُ
  مُوَصَّلٌ مَتْلُوّهُ مُفَصَّلُ ... فيه الهُدى مُبَيَّنٌ ومُجْمَلُ
  كالدُّرِ والياقُوتِ واللآلي
  هذا هو الكلام في أن القرآن كلام الله - سبحانه -، والخلاف في هذه المسألة من جهة المعنى مع المجبرة والباطنية ومن قال بقولهم.
  ومن جهة اللفظ مع طبقات الملحدة.
  فأما الملحدة: فلاوجه للكلام معهم في هذه المسألة؛ لأن الكلام في أن هذا القرآن؛ - الذي بين أظهرنا حجة لنا وعلينا - هو كلام الله فرع على الإقرار بالله - سبحانه - فيجب أن ينقل الكلام معهم إلى إثبات الصانع - تعالى - وصفاته، وما يجوز عليه، وما لا يجوز، وأفعاله، وأحكام أفعاله، حتى يصل إلى هذه المسألة، وقد استقرت قواعدها.
  وأما الكلام على من خالف في هذه المسألة ممن قدمنا ذكره:
  فمذهبنا أن هذا القرآن الموجود بيننا - حجة لنا على من خالفنا، وحجة لأنفسنا على أنفسنا - هو كلام الله - تعالى - ووحيه وتنزيله، وأن محمداً ÷ جاء به من عند ربِّه ولم يقله من تلقاء نفسه، وسيأتي الدليل على هذا المذهب بعد تبيين معاني ألفاظ القافية إنشاء الله تعالى.
  قوله: (جاء به): يريد؛ وصل إلينا، والمجيء نقيض الذهاب.