شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(الكلام في إمامة أمير المؤمنين #)

صفحة 244 - الجزء 1

  وأما الموضع الثاني؛ وهو أن ذلك يفيد معنى الإمامة: فلأن لفظ الولي إذا أطلق في اللغة والشرع أفاد المالك للتصرف الأبدي، إذا قيل هذا ولي اليتيم إنه يفيد المالك للتصرف عليه، وكذلك ولي المرأة، وقول النبي ÷: «السلطان ولي من لا ولي له»، معناه المالك للتصرف فيه.

  ولأنك تزيل التوهم عند الإلتباس بقولك: هذا أولى بهذا الأمر من هذا، أي أحق به، وأملك للتصرف فيه، وولي القتيل المالك للقصاص والإبراء، وهذا ظاهر وأمثاله كثير، ونحن لا نريد بقولنا فلان إمام مطلقاً، إلا أنه المالك للتصرف على الكافة، وأنه أولى بهم في الأمور الموكلة إليهم من أنفسهم، فثبت بذلك أن أمير المؤمنين # أولى الناس بالناس بعد رسول الله ÷، وذلك يفيد معنى الإمامة، كما قدمنا، فثبت أنه الإمام بعده بلا فصل.

[بيان دلالة الإجماع على إمامة أمير المؤمنين علي #]

  فإن قيل: إنكم قد ذكرتم في أول كلامكم بيان إمامته # بالإجماع فاخرجوا من عهدة ذلك.

  قلنا: أردنا بذلك الإجماع من جهة المعنى أولاً وآخراً، ومن جهة اللفظ والمعنى آخراً.

  كَشْفُ ذلك أنهم أجمعوا معنا في صحة إمامته # بعد عثمان، وخالفناهم في صحة إمامة أبي بكر، وعمر، وعثمان، في جميع الأزمان؛ لأن مذهبنا - كما قدمنا - أن الإمام بعد رسول الله ÷ بلا فصل علي بن أبي طالب، وأن إمامة الثلاثة الذين تقدموه # غير صحيحة في جميع الأحوال فقد وقع الإتفاق عليه والإختلاف في غيره فكان أولى.

  وأما الإجماع من جهة المعنى: فقد أجمع الصحابة ومن بعدهم قرناً بعد قرن إلى يومنا هذا أن الإمام يجب كونه أفضل الأمَّة أو كأفضلهم، وذلك ظاهر؛ لأن عمر لما بسط يده