(يتلوه الكلام في أن الإمامة في أولادهما وأنها مقصورة عليهم)
  فإنَّا نقول: قد أجمعنا على نبوءة موسى الذي بشر بنبوة محمد وعيسى @، فإن كان موسى الذي ذكرتم جحدهما؛ فنحن له جاحدون، وبنبوته كافرون.
  وجوابنا لأهل هذا القول بجوابنا لليهود؛ فإنَّا نقول بجواز الإمامة من ولد الحسين # لمن لم ينكر جواز الإمامة لأولاد الحسن $، فمن أنكر جواز الإمامة في ولد الحسن من ولد الحسين لم تجز عندنا إمامته، وسقطت بذلك عدالته، فضلاً عن إمامته، فقد رأيت كيف لحق التفريق بين الأئمة الهادين بالتفريق بين النبيئين؛ لا نفرق بين أحد منهم {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ٢٨٥}[البقرة].
  ومع ذلك فإن معولهم على النص وعند بطلانه يرتفع الخلاف بيننا وبينهم، وقد بينا بطلانه بما تقدم، وإذ قد فرغنا من الكلام فيه وفي توابعه، فلنتكلم على أقوالهم التي بنوها عليه قولاً قولاً بأدلة مختصرة كافية لكل مستبصر متدبر.
[إبطال قول الإمامية بالغيبة على الإمام مع صحة إمامته]
  فأولها: دعواهم للغيبة على الإمام مع صحة إمامته، وحاجة الأمة إليه، ولزوم طاعته.
  فنقول ولا قوة إلا بالله: الذي يدل على بطلان دعوى الإنكتام والغيبة مع شدة الحاجة إلى الإمام قول الله - سبحانه وتعالى - فيه خصوصاً، وفي العلماء عموماً: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر: ٢٨]، وقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ١٥٩ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا}[البقرة]، وهذا غاية التهديد والذم، كما ترى، والأئمة من أخشى الناس لله - تعالى - والمعصية عند المخالف لا تجوز عليهم.
  وعندنا فيما تعلق به الوعيد تسقط إمامتهم، والبيان لا يكون مع الإنكتام عند جميع العقلاء.
  وعندنا أنه أريد لأمور شرعية لا يقوم بها سواه، وعندهم أنه منوط به مصالح الدين والدنيا، حتى لا يُستغنى عنه في شيءٍ من الأشياء، فالحاجة كما ترى إلى ظهوره