شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الطرق الدالة على حدوث الأجسام]

صفحة 92 - الجزء 1

[الطريقة الثانية في الدليل على حدوث الأجسام: طريقة الإنتقال]

  ومما يدل على حدوث الأجسام بعد الطريقة الأولى:

  أنا نقول: قد ثبت جواز الإنتقال على الأجسام بالمشاهدة، والإنتقال [على القديم محال، وإذا بطل قِدَمُها ثبت حدُثها، وكان لا بد لها من محدِث كما تقدم⁣(⁣١)] فجواز الإنتقال عليها يُعْلَم ضرورة.

  وأما قولنا: الإنتقال على القديم محال، فلأن حقيقة القديم، الموجود الذي لا أول لوجوده، ولا يعقل وجوده - أعني الجسم - إلا في جهة، والعلم بذلك يلحق بالضرورة، وإذا وجد في جهة كان وجوده فيها لذاته لإستحالة وجود القديم لمؤثر من فاعل أو علّة، لأنه كان لا بد من تقدمهما عليه ليصح كون الفاعل فاعلاً له والعلة علة فيه، وإذا كان فيها لذاته إستحال إنتقاله عنها؛ لأن ذاته علة كونها فيها، وبقاء المعلول واجب لبقاء العلة؛ لإستحالة وجود العلة بدون المعلول، وأمَّا أنه إذا بطل قدمه وجب حدوثه فذلك ظاهر.

  عدنا إلى تفسير القافية:

  (بضع⁣(⁣٢)) الشيء: هو جزء منه، وقد صارت البضع في الحيوان تفيد بالنقل قطع اللحم.

  و (مكنونها) بواطن الحيوان من النواظر، يقول في واحدتها بَضْعَة كما نقول لحمه، ويريد بمكنونها الكبد والطحال وما شاكلهما.

[بيان دلالة البضع على الله تعالى]

  ودلالتها على الله - سبحانه وتعالى - من وجوه:

  أحدها: إختلافها في صورها، فلا بد من مخالف خالف بينها.


(١) ما بين القوسين ناقص من الأصل، وهو في (ن، م).

(٢) بضع بالكسر أو الفتح