شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في خبر: «الأئمة من قريش»]

صفحة 122 - الجزء 1

  وقولنا لا يدفعه عاقل متأمل، لأن ولد الحسن والحسين @ من قريش فثبتت الجنسية، وهم بعض قريش فوجب التخصيص، ألا ترى أن قول القائل: هذا الخاتم من فضة كما يدل على أن جنس الخاتم العين المخصوصة المسماة فضة، يدل بنفسه على أنه بعض الفضة؛ بل يستحيل خلافه، ومثل ذلك يلزم فيما قدمنا، لاستحالة صحة الإمامة في جميع قريش؛ لأن أكثرهم لا تجوز إمامته بإجماع الأمة؛ كالمجاهرين وفساق المتأولين؛ فصحّ أن المراد بمقتضى الآية على الترتيب الذي ذكرناه ولد الحسن والحسين $ دون غيرهم.

[بيان بطلان قول من أثبت الإمامة لبعض قريش دون ولد الحسن والحسين (ع)]

  فإن قيل: فما تنكرون على من يحتجّ بحجتكم هذه فيثبت الإمامة لبعض قريش دون ولد الحسن والحسين $ ويقصرها عليهم ويأتي بإستدلالكم على نسقه؟.

  قلنا: ذلك باطل لوجهين:

  أحدهما: أنه لا قائل بهذا القول من الأمة؛ فإحداثه يكون إتباعاً لغير سبيلهم وذلك لا يجوز.

  والثاني: إجماع الأمة على صحتها فيهم، واختلافهم فيمن سواهم، والإجماع آكد الدلالة؛ فثبت أن الإمامة مقصورة - بما قدمنا من الآية - على ولد الحسن والحسين $، فتأمّل - رحمك الله تعالى - هذه الآية من كتاب الله ما أدقها، وأخطارها ما أجلها، وبراهينها ما أظهرها، ولو استقصينا ما نعلم من معاني هذه الآية، وما تشتمل عليه من الأدلة، ويتعلق بها من الأغراض الشريفة، لما أتينا على جميع ذلك إلا في مدة طائلة، لأنها - أعني الآية الشريفة - كما تدل على صحة الإمامة في آل البيت $؛ هي بعينها تدل على أن إجماعهم حجة؛ لأن الله - تعالى - أخبر في الآية أنه اجتباهم؛ والإجتباء هو الإختيار، وجعلهم له شهداء على الناس، وهو سبحانه لحكمته لا يجعل له شهداء على عباده إلا العدول، والعدول لا يقولون إلا الحق، والحق لا يجوز