شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر مسائل أصول الدين وما يتبعها]

صفحة 110 - الجزء 1

  والدليل على أنه لا يسمى كافراً: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ٩}⁣[التحريم]، وقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ}⁣[الحجرات: ٦]، فدل على خروجه من القسمين الأولين لأنه لا يأتيهم مع إقامتهم للحرب عليه.

  فإن قيل: فلم نعلم منه ÷ جهاداً للمنافقين.

  قلنا: بعد نزول هذه الآية لم يدع أحداً من أهل النفاق على نفاقه، بل يجاهده ويغلظ عليه لأنه ÷ أتبعُ الخلق لأمر ربِّه، وأطوعُهم لخالقه.

  فإن قيل: إنهم تستروا عنه حتى لم يظهر على شيءٍ من أمرهم.

  فذلك جائز، فأكثر ما كان يعمل مع الفساق يقيم عليهم الحدود فيما يوجب الحدود؛ لأنه لم يكن لهم شوكة تجيز قتالهم كما كانوا في وقت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # ومن ثم إلى يومنا هذا تقوت شوكتهم، فالله المستعان.

  وإقامة الحد لا تكون مجاهدة، لأن المجاهدة مفاعلة فلا تكون إلا بين اثنين وفيها مشقة تلحق كل واحد منهما؛ هذا في أصل اللغة.

  فأما العرف: فلأنّا نعلم أن الإمام إذا أقام الحد على إنسان لم يقل: إن فلاناً جاهد الإمام، وإنما يقال: أقام الحد عليه، والفاسق على وجهين: فاسق من جهة التأويل، ومن جهة التصريح، ولا وجه لتفصيل ذكره ها هنا.

[ذكر شاهد - على مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - من الكتاب]

  وفي مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ١٠٤}⁣[آل عمران]، وهذا الأمر يقتضي الوجوب.