(الكلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)
  والإيمان، كما ذكرنا، إسم مدح وتعظيم، والفاسق لا يستحق المدح والتعظيم؛ بل يستحق الإستخفاف، واللعن، والبراءة، والسَّب، فقد تبين لك بما قدمنا أن الفاسق خارج عن هذه الأسماء وهذه الأحكام، وتسميتنا له فاسقاً أخذ بموضع الإجماع الذي هو آكد الأدلة؛ لأن الحسن لا يخالفنا في أنه فاسق مع تسميته له منافقاً، وكذلك الخوارج لا يخالفونا في تسميته فاسقاً مع تسميتهم له كافراً، والمرجئة لا يخالفونا في تسميته فاسقاً مع قولهم إنه مؤمن، فقولنا؛ كما ترى، أخذ بموضع الإجماع، فنسأل الله التوفيق.
  رجع التفسير:
  قوله: (يجول في جوامع الأغلال): يقول إنه عندنا يستحق العقاب خلافاً للمرجئة في الوقوع؛ لأن عندنا أن المستحق واقع، كما قدمنا، وعندهم أن المستحق لا يقع، كما حكينا عنهم.
  و (الجامعة): هي ما يجمع بين يدي الإنسان وعنقه من السلاسل، وربما جمع بها بين الإنسان وغيره.
  و (الغَل): يختص بما يجمع يد الإنسان وعنقه، وهذا تنبيه منه إلى أن مصير الفساق في الآخرة، نعوذ بالله - تعالى - من حالهم إلى هذه الحال.
(الكلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)
  [٣٢]
  والنَّهيُ عَنْ فِعْلِ القبيح واجبُ ... والأَمْرُ بالمعروفِ فرضٌ لازِبُ
  وهو على فاعِلِهِ مَرَاتِبُ ... وَعظٌ وَزجرٌ وَحُسَامٌ قَاضِبُ
  مِنْ غِيرِ تَفْرِيطٍ ولا استعجالِ
  هذا هو الكلام في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا بد من البداية بذكر حقيقة الأمر والنهي ليتضح الكلام فيها.