(الكلام في إمامة أمير المؤمنين #)
[بيان فضيلتي الزهد والسخاء]
  وأمَّا الزهد: فإجماع الناس بعد النبي ÷ على ثلاثة علي #، وأبو ذر، وعمر بن الخطاب، ولم يعلم مثل حال علي # في واحد منهما في مطعمه ومشربه وملبسه، ولكل من ذلك نصيب ولكن لا سواء.
  وأمَّا السخاء: فغايته الإيثار على النفس والأهل والولد، وكانت هذه حالة علي # حتى ذكر الله ذلك في محكم كتابه في قوله ø: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ٨}[الإنسان]، وصرح بإخلاص نيته # وأهل بيته تصريحاً بقوله: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ٩}[الإنسان]، وأخبر بخوفهم له في قوله: {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ١٠}[الإنسان]، ودل على عصمتهم $، وأنهم يلقونه على عهده، ولا يقع منهم تفريط ولا تبديل لحكمه، بقوله: {فَوَقَاهُمْ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ١١ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ١٢}[الإنسان]، إلى آخر الآيات المقدسات، فَذِكْرُ حب الطعام في أول القصة، وذكر الصبر في آخرها أكبر برهان لأهل الأذهان على أن الضر قد كان بلغ فيهم نهايته، فآثر # على نفسه، إيثاراً لم يُعلم من غيره، وهذا غاية السخاء؛ لأنه #، وإن لم يكن من أهل السعة، فقد كان يجود بموجوده، وأبو بكر وإن عد في أهل الإنفاق، فإنما كان إنفاقه من ظهر غنى، وإنفاق علي جهد المقل، والفرق في ذلك لأهل البصائر ظاهر، وإن كان الجميع مأجور، ولا نعلم خلافاً بين أهل البيت $ وأعيان أهل العلم(١)
(١) قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ٥}[الإنسان]، إلى آخر الآيات: نزلت في الخمسة أهل الكساء: أمير المؤمنين #، والزهراء، والحسنين À، وقد روى ذلك الجم الغفير من المفسرين والمحدثين عن عدة وافرة من الصحابة والتابعين بطرق كثيرة؛ فممن روى ذلك:
أمير المؤمنين # روى ذلك عنه: الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل (٢/ ٣٠٠) رقم =