شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في العقل وماهيته]

صفحة 61 - الجزء 1

  بعض علماء أهل العدل على أهل التناسخ⁣(⁣١) بأنا لو كنا في هياكل غير هذه الهياكل، وتصرفنا في الدنيا بأنواع التصرف؛ قبل هذه البنية التي نحن فيها، لذكرنا ذلك؛ إذ ذكر مثل ذلك من تمام العقول، فلما لم نذكره والحال هذه قطعنا على بطلان ما قالوه، وبمثل هذا نقطع على أن مالنا وأهلنا هم⁣(⁣٢) الذين نشاهدهم، وإن جاز أن يخلق الله [تعالى] مثلهم ويسترهم عَنَّا ومن شك في ذلك استنقصنا عقله، ومن أهل العلم من جعل هذا من علم العادات، ورأيُنا ما ذكرنا؛ فهذه علوم إلاهية؛ لايمكن العاقل دفعها مع بقاء عقله.

  ثم يتبع ذلك علم التجارب: وهو الزيادات المشروطات، وأحوال الناس فيه تختلف، فمنهم من يبلغ فيه الغاية القصوى، ومنهم من يقف دون ذلك.

[الرَّد على مَنْ يقول إن المدبِّر جوهر بسيط]

  [وأمّا مَنْ زعم من الأوائل أن المدبر جوهر بسيط يعلم ذاته، ويعلم ما دونه، ولإحاطته بالأشياء سمي عقلاً،⁣(⁣٣)] ففساده من اللغة والشرع:

  أما اللغة: فلأنه مأخوذ من العقل وهو المنع كما قدمنا، ولا دليل على خلافه، ولا مانع له تعالى؛ لأن علمه لذاته حاصل في الأصل لا عن مؤثر، لولا ذلك لم يكن عالماً لذاته، وقد قامت الأدلة بصحته، وغناه واجبٌ له، لعلمه واستحالة الحاجة عليه، فلا


(١) أهل التناسخ: قال بالتناسخ بعض الكفار وبعض من ينتحل الإسلام كالروافض، وأول من أحدثه فيهم رجل يقال له: أحمد بن حائط، وله جهالات خرج بها عن الإسلام، زعموا أن الروح تنتقل في الهياكل؛ فالمثاب يتلذذ؛ والمعاقب إلى بهيمة يتألم، وأنكروا البعث، إلى غير ذلك من الجهالات، انتهى من المنية والأمل شرح الملل والنحل. قال في كتاب الحور العين: وقال أصحاب التناسخ - منهم جمهر بن بختكان الفارسي ومن قال بقوله: بدوام الثواب والعقاب، فالثواب انتقال أرواح المحسنين إلى الأبدان الإنسية، والعقاب انتقال أرواح المسيئين إلى أبدان البهائم والسباع والهوام. انتهى.

(٢) في (ن، م): وأهلنا الذين.

(٣) ما بين المعكوفين زيادة من هامش النسخة، قال فيه: لعل هنا سقط وهو ... إلخ ما بين المعكوفين.