شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر مسائل أصول الدين وما يتبعها]

صفحة 113 - الجزء 1

  ثبر⁣(⁣١)، ومن جزع من أولئك دحر⁣(⁣٢)، فلا وجه لمتأمل ينكر به ما ذكرنا من وجوه الإستدلال، والحمد لله.

  فإذا كان ذلك كذلك وقد ثبت للأب الذي هو أمير المؤمنين - ~ وآله وسلم - تصرف عام على الكافة في أمور مخصوصة يتبعها أحكام مخصوصة؛ ثبت مثل ذلك لولديه الحسن والحسين ª ولأولادهما من بعدهما $، على ما يأتي بيانه إنشاء الله تعالى.

[الدليل الثاني: قوله تعالى: «قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ»]

  ومما يؤيد ما قلنا: قول الله - تعالى - في خليله إبراهيم ~: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ١٢٤}⁣[البقرة].

  ووجه الإستدلال بهذه الآية: أنَّا نعلم وكل عاقل متأمل أن الله - تعالى - إستجاب دعوة خليله إبراهيم، لأن الإمامة بإجماع كافة أهل الشرائع؛ لم تخرج عن ذرية إبراهيم # من يوم دعوته - صلى الله عليه - إلى يومنا وإلى يوم الدين، وإنما كانت في إسماعيل وإسحاق، والكل بالإتفاق ذرية إبراهيم، وذلك ثابت لمن خصَّه الله به من ولد إسماعيل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، وبهذا⁣(⁣٣) بطل قول الإمامية والباطنية بأن الإمامة مستقرة في ولد الحسين ولا يجوز رجوعها بعد ذلك إلى الحسن، لأن رجوعها إلى ولد إسماعيل ثابت بإجماع كافة المسلمين، وكان يلزمهم على هذا الوجه أن تستقر في ولد الحسن ولا ترجع إلى ولد الحسين #، وإن كنا لا


(١) التثبير هو: المنع، والصرف عن الأمر، والتخييب، واللعن، والطرد.

(٢) الدحر: الطرد والإبعاد، والدفع.

(٣) في (ن): ولهذا يبطل قول الإمامية والباطنية.