[الإحتجاج على من جعل الفضل جزاء على العمل]
  الشاكرين، هذا الذي يجب أن تلقى به أفعال الحكيم، وهو مغن عن التقحم في حفر المهالك، والتورط في حبائل الضلال.
  وقد صرح بقولنا هذا جدُّنا القاسم بن إبراهيم ~ وسيأتي قوله عند ذكره #.
  وقد قال الله تعالى: {وَلَوْ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}[المؤمنون: ٧١]، والحجج على هذه المقالة كثيرة في كتاب الله - تعالى - وأحكام الشريعة، وحجج العقول، وقد جعلنا من كل شيءٍ من ذلك في كتابنا هذا شطراً كافياً لمن أنصف نفسه ولم يكابر عقله، ولم يعم العجب بصيرته.
[الإحتجاج على من جعل الفضل جزاء على العمل]
  [١٢]
  لو كَانَ أَجْرَاً كانَ بَعدَ الإكمالْ ... إذْ ذاك من شَرْطِ حُقُوقِ العُمَّالْ
  ولم يَزَلْ مِنْ حَالَةٍ إلى حَالْ ... ولم تَشُبْهُ رَائِعَاتُ الزِلزَالْ
  وهذا نوع ثانٍ في الإحتجاج على الفضل؛ لأن قوماً من منكري فضل العترة الطاهرة يقولون إنَّ الفضل يكون جزاءً على العملِ، فأبطل ذلك بما لا ينكره أحد من أهل المعرفة بالأحكام الشرعية، وهو أن هذا الفضل لو كان جزاء على عملهم ما استحقوه إلا بعد فراغهم من الطاعة، وذلك لا يكون إلا عند الموت؛ فكانوا لا يكونون فضلاء إلا في تلك الحال، ومعلوم خلاف ذلك؛ لأن من أنكر فضل الأنبياء $ في حالٍ كَفَرَ، ومن أنكر فضل العترة الطاهرة $ ومفاضلة الله - تعالى - بين عباده فَسَقَ بالإتفاق، ولم يبعد تكفيره لرده نصوص الكتاب العزيز التي لا يصح تأويلها على ذلك إلا بالتعسف، وكذلك تفضيل الله تعالى، - أيضاً - لبعض خلقه على بعض من المتعبدين وغير المتعبدين كما قدمنا ذكره.