شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في أن الله - تعالى - عدل حكيم ليس في أفعاله ظلم ولا عبث ولا سفه ولا شيء من القبيح]

صفحة 155 - الجزء 1

  وإما أن يحصل مراد أحدهما دون الآخر، وذلك أيضاً محال لكونهما قادرين لذاتيهما لو كان ذلك تقديراً فلا يتحصل مقدوراهما؛ ولا يكون أحدهما أولى من صاحبه بصحة الفعل ولا تعذره، وقد أدى إلى هذه المحالات القول بالثاني فيجب أن يكون محالاً.

  وأما الدلالة السمعية: فقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١}⁣[الصمد]، وقوله: {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ}⁣[المائدة: ٧٣]، وقوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}⁣[الأنبياء: ٢٢].

  ولا وجه لإفراد الكلام في التثليث؛ لأنه فرع على التثنية، فإذا بطلت بطل.

[الكلام في أن الله - تعالى - عدل حكيم ليس في أفعاله ظلم ولا عبث ولا سفه ولا شيء من القبيح]

  [٢١]

  وهو حَكِيمٌ ذُو الجَلالِ عَدْلُ ... إذ كُلُّ جَورٍ حَاجَةٌ وجَهلُ

  وَمِنْهُ للكُلِّ العَطَاءُ الجَزْلُ ... وليس يَثْنِي نِعْمَتَيْه العَذْلُ

  يُجْزِي عَلى الحبَّةِ بالمِثْقَالِ

  هذا هو الكلام في أن الباريء - تعالى سبحانه - عدل حكيم، ليس في أفعاله ظلم، ولا عبث، ولا سفه، ولا شيءٌ من القبيح.

  وهذه المسألة أهم مسألة من مسائل الخلاف بين أهل الجبر والعدل، وهي من أركان الدين القوية.

  ولجهل أكثر الفرق بمعنى العدل والحكمة خبطوا خبط العشواء، وركبوا الأهواء، وسموا العدل جوراً، والجور عدلاً، لفقد معرفتهم بالحقائق، فنسأل الله التوفيق.

  قوله: (وهو حكيمٌ ذو الجلال عدل): أراد بيان مذهبه في هذه المسألة.