شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(يتلوه الكلام في أن الإمامة في أولادهما وأنها مقصورة عليهم)

صفحة 273 - الجزء 1

  ولأن عليًّا # كان يلزمهم الإتباع له في مقامات المجادلة إلزاماً يكشف عن إسقاط العقد جملة؛ لأن صاحب العقد لا يلزمهم بيعته ولا طاعته إذ الأمر في ذلك إليهم دونه.

  فإن إختاروه وعقدوا له؛ لم يكن له إعتراضهم، وعلي # دعاهم إلى بيعته تصريحاً، وتعريضاً، وإشارة، وبكتهم، وذكرهم، وكذلك الأئمة من أولاده # إلى يومنا هذا، إذا علم أحدهم تَوَجُّهَ الفرض عليه دعا الناس إلى بيعته، وألزمهم الدخول فيها، ولم يكل ذلك إليهم ولا يفوضهم في إختياره، وذلك ظاهر.

[الكلام على مذهب الإمامية في الإمامة]

[أولاً: إبطال النص]

  وأمَّا الكلام على الإمامية: فاعلم أن كلامهم مبني على النص الذي ادعوه، ومنذ بيان بطلانه يبطل ما قالوه فيه وما ابتنى عليه من قول الباطنية، والذي يدل على بطلانه؛ أنَّا نقول: إن التعبد بالنص لا يخلو إمَّا أن يكون عاماً للكافة لازماً فرضه للجميع، أو لا يكون كذلك، ولا قائل بأنه لا يلزم أحداً، فإن كان كذلك لم يكن بد إمَّا أن يكلف به البعض، أو الكل، وترددت القسمة بينهما.

  فإن قيل: تكليف العلم بالنص والمنصوص عليه فرض على الجميع.

  قلنا: قد ثبت أن الله - تعالى - عدل، حكيم، لا عبث في حكمته، ولا ظلم في شيءٍ من أفعاله، فكان لا يخلو إما أن يجعل لنا إلى العلم بما تعبدنا به طريقاً، أو لايجعل.

  باطل أن لا يجعل لنا إلى العلم بما كلفه طريقاً؛ لأن إزاحة العلَّة عليه واجبة.

  وحصول العلم لنا بغير طريق مستحيل فكان تكليفه لنا بذلك يكون تكليفاً بما لا يُعلمَ، وتكليف ما لا يُعلمَ قبيح، والله - تعالى - لا يفعل القبيح لما تقدم بيانه.

  وإن جعل لنا إليه طريقاً فهي لا تخلو إمَّا أن تكون سمعية أو عقلية، ولا طريق في العقل يوصل إلى ذلك.