[الكلام في فائدة الإبتلاء بالقليل والكثير]
  إمَّا اعتقاد المساواة بينه وبين ذلك البيت الرفيع، وكيف تقع بينه مساواة وبين من إذا خطبت كريمته وامتنع، لم يظلم ولم يأثم وإن رضيت، وإذا خطبها إليه من هو في درجته في الرفعة فامتنع ظلم وأثم وكان عاضلاً، وزوجها إمام المسلمين، أو قاضيهم، بغير مراضاته إن تمالى سائر أوليائها على ذلك!؟، والأمر في هذه أظهر من أن يخفى، فهذا باطل.
  والثاني: الإعتقاد بأن كونه من بيت الدُّون، وغيره من بيت الشرف، لم يقع بإرادة الله - تعالى - واختياره، وإضافة ذلك إلى غفلة أو سهو، أو أن الله فَوَّض التصرف في خلقه إلى غيره، فوقع من ذلك الغير ما لا يريده؛ وهذا باطل لا يجوز إعتقاده.
  أمَّا السهو والغفلة؛ فلا يجوزان علىلعالم لذاته.
  وأما التفويض؛ فهو من صفات المحدثين الذين تلحقهم السآمة فيستريحون إلى التفويض؛ وإنما الواجب عليه مع ذلك الرضى والتسليم والنظر إلى من دونه لتعظيم نعمة الله في عينه، وبذلك ورد الأثر الظاهر، ونعلم أنه إن سخط ذلك لم يجد إلى تغيير مراد الله سبحانه سبيلاً وحبط أجره، وقد قال سبحانه في مثل ذلك: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ}[النساء: ٣٢] وذلك يفيد ما ذكرنا، فتأمل موفقاً ما ذكرت لك فإنه محض الإنصاف.
[الكلام في فائدة الإبتلاء بالقليل والكثير]
  [٤٠]
  أراد من أهلِ القليلِ الصَبْرَا ... ومِنْ ذَوي المالِ الكثِيرِ الشُكْرَا
  وادَّخَرَ الأَجْرَ لدَارِ الأُخرَى ... ومَنُّهُ على الجميعِ يَتْرَا
  لِلفائزينَ بالمحَلِ العالي
= شديد.