[الطرق الدالة على حدوث الأجسام]
[العلة في نفي المثل عنه تعالى]
  وأما نفي المثَل عنه تعالى فذلك لأنه كان لا بد للمثال من فاعل، فإن كان الله تعالى فاعله إستغنى بعلمه الذي أوجد به المثال [عن المثال(١)]؛ لأن عمل المثال مع العلم لا يجوز إلا على من يجوز عليه السهو والغفلة، فيستعين بالمثال على أمره والله يتعالى عن ذلك لوجوب العلم له فلا يجوز خروجه عنه بحال، وإن كان الفاعل لذلك غيره فلا بد أن يكون الله تعالى فاعل ذلك الغير لإستحالة الثاني، على ما يأتي بيانه، وإذا كان الله الفاعل له إستغنى عن مثاله لأن الخالق أعلم من المخلوق، والرازق أكرم من المرزوق، فصح أنه تعالى فعل ما فعل من غير تعليم ولا مثال.
[الحض على النظر والمنع من التقليد]
  [٦]
  يا ذا الذي أَصْغَى إلينَا مَسْمَعَهْ ... يَطْلُبُ عِلمَاً بَاهِراً ومَنْفَعَهْ
  إنْ كُنْتَ لا تهوى طَرِيقَ الإمَّعَهْ ... فانظُر إلى أربعةٍ في أرْبَعَهْ
  فذلكَ الجِسْمُ مَعَ الأَحْوَالِ
  (السمع): آلة السمع، وهو الحاسة التي جعلها الله - تعالى - لإدراك الأصوات خاصة، كما خص سبحانه الخيشوم بإدراك الروائح، واللهوات بإدراك الطعوم، وفي ذلك معتبر لمن اعتبر، وأمعن النظر.
  و (العلم): نقيض الجهل، وهو المعنى الذي يقتضي سُكون النفس، والإنسان يجد من نفسه الفرق بين علمه بالشيء وجهله به، وأجلى الأمور ما يجده الإنسان من نفسه.
  و (الباهر): هو الواضح الظاهر الذي لا يكاد عظمه يحتمل للعقول، ولذلك قيل للقمر باهر.
(١) زيادة من نخ (م، ن).