(يتلوه الكلام في أن الإمامة في أولادهما وأنها مقصورة عليهم)
  وقصر الإمامة فيهم أحد اصول أقوالهم المهمَّة، وغيرهم من الأمة وقريش لم يرد في بابهم ما يوصل إلى الظن فضلاً عن العلم؛ ولأنه قد قيد الخبر في بابهم بقوله: «أهل بيتي» وخصهم بما ظهر بلا اختلاف من حديث الكساء حتى أن أم سَلمة - رحمة الله عليها - جاءت لتدخل معهم فدفعها وقال: «مكانك وإنك على خير، ثم قال: اللَّهُمَّ إن هؤلاء عترتي أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً» ومن احتج بهذا الخبر على وجه من الوجوه لم يفرق بينهم وبين أولاد الحسن والحسين $ إلى سائر الأعصار، ولم يدخل معهم أحد من أولاد علي # ولا غيرهم(١) من بني هاشم، ولولا هذا الخبر وكون أمير المؤمنين علي بن أبي طالب معهم تحت الكساء وإشراك النبي ÷ معهم لما قضينا بأن عليًّا # من العترة.
  فإستعمال لفظ العترة في أولاد الحسن والحسين $ حقيقة، لما قدمنا، مجاز في أمير المؤمنين # بدلالة هذا الخبر، وقد صار في علي # لكثرة الإستعمال حقيقة، وخطاب الحكيم بالمجاز جائز في الحكمة جواز الخطاب بالحقيقة على ما ذلك مذكور في مواضعه من أصول الفقه.
[ذكر الدليل على حجيَّة إجماع الأمة]
  وأما أن إجماع الأمة حجَّة: فلقوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ١١٥}[النساء].
  ووجه الإستدلال بهذه الآية: أن الله - تعالى - توعد على مخالفة سبيل المؤمنين كما توعد على مشاقة الرسول، وهو سبحانه بحكمته لا يتوعد على الإخلال بفعل إلا وذلك
(١) أي أهل الكساء.