شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(يتلوه الكلام في أن الإمامة في أولادهما وأنها مقصورة عليهم)

صفحة 293 - الجزء 1

  وقصر الإمامة فيهم أحد اصول أقوالهم المهمَّة، وغيرهم من الأمة وقريش لم يرد في بابهم ما يوصل إلى الظن فضلاً عن العلم؛ ولأنه قد قيد الخبر في بابهم بقوله: «أهل بيتي» وخصهم بما ظهر بلا اختلاف من حديث الكساء حتى أن أم سَلمة - رحمة الله عليها - جاءت لتدخل معهم فدفعها وقال: «مكانك وإنك على خير، ثم قال: اللَّهُمَّ إن هؤلاء عترتي أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً» ومن احتج بهذا الخبر على وجه من الوجوه لم يفرق بينهم وبين أولاد الحسن والحسين $ إلى سائر الأعصار، ولم يدخل معهم أحد من أولاد علي # ولا غيرهم⁣(⁣١) من بني هاشم، ولولا هذا الخبر وكون أمير المؤمنين علي بن أبي طالب معهم تحت الكساء وإشراك النبي ÷ معهم لما قضينا بأن عليًّا # من العترة.

  فإستعمال لفظ العترة في أولاد الحسن والحسين $ حقيقة، لما قدمنا، مجاز في أمير المؤمنين # بدلالة هذا الخبر، وقد صار في علي # لكثرة الإستعمال حقيقة، وخطاب الحكيم بالمجاز جائز في الحكمة جواز الخطاب بالحقيقة على ما ذلك مذكور في مواضعه من أصول الفقه.

[ذكر الدليل على حجيَّة إجماع الأمة]

  وأما أن إجماع الأمة حجَّة: فلقوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ١١٥}⁣[النساء].

  ووجه الإستدلال بهذه الآية: أن الله - تعالى - توعد على مخالفة سبيل المؤمنين كما توعد على مشاقة الرسول، وهو سبحانه بحكمته لا يتوعد على الإخلال بفعل إلا وذلك


(١) أي أهل الكساء.