[ذكر مسائل أصول الدين وما يتبعها]
  الألفاظ وجودة المعاني، وصحة المباني، لا ما يتوهمه المبطلون، ويظنه الجاهلون، والله بعد ذلك أعلم.
  وفي مسألة أن محمداً ÷ نبي مرسل قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}[الفتح: ٢٩].
  وفي دلالة صدقه، وظهور المعجز عليه، قوله تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ}[البقرة: ٢٣]، وقوله تعالى: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ٣٤}[الطور]، فلما لم يقدروا على الإتيان بمثله علم أنه من عند الله - تعالى - فهذا هو الذكر في مسائل العدل.
  الجواب عن ذلك: أن معنى رضاه للشيء إرادته، ومعنى غضبه منه كراهته له؛ والرضا والغضب لا يتعلقان بشيء من أفعاله سبحانه، فيلزم ما سأل عنه أيده الله، وإنما يتعلقان بأفعالنا، وإرادته لأفعالنا متقدمة لها، وكذلك كراهته لأفعالنا؛ لأن كراهته للواجب من أفعالنا ألطاف التكليف.
  وكذلك كراهته لقبيح أفعالنا حد الألطاف الصوارف لأن من حق اللطف أن يتقدم على ما هو لطف فيه، فهذا ما يحتمله هذا المكان ومن الله نستمد التوفيق.
[ذكر شواهد على مسائل الوعد والوعيد جملة من الكتاب]
  ثم يتبع ذلك الذكر في مسائل الوعد والوعيد:
  قال تعالى في أن من توعده بالنار صائراً إليها لا محالة، ومن وعده بالجنَّة صائراً إليها لا محالة قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ٩}[آل عمران]، وقوله: {قَوْلُهُ الْحَقُّ}[الأنعام: ٧٣]، وإخلاف الوعيد كذب، والكذب قبيح، والقبيح لا يكون حقاً.
  وفي مسألة نفي الشفاعة لمن يستحق النار من الفساق والكفار قوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ١٨}[غافر]، فلو شفع ÷ لم يخل الحال من أحد أمرين: إما أن يطاع فيبطل معنى الآية، وإما أن لا يطاع فتسقط منزلته، وكلا الأمرين باطل.
  وفي أن الفاسق لا يسمى مؤمناً قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ١٨}[السجدة]، ففرق بينهما، ولا يجمع بين ما فرق الله بينه؛ لأن ذلك لا يجوز، وبقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢}[الأنفال]، والفاسق بخلاف هذا كله.