شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(مسألة الإمتحان)

صفحة 181 - الجزء 1

  على جميع العباد، بنزول الإمتحان عليه إما في نفسه أو في غيره) وبذلك قال جميع الأئمة $ ولولا ضيق الوقت، والعلم بأن في بعض ما ذكرنا كفاية لمن كان له عقل رشيد، أو ألقى السمع وهو شهيد، لذكرنا من قول كل واحد من آبائنا $ من لدن علي بن أبي طالب # إلى المتوكل على الله أحمد بن سليمان، والهادي إلى الحق يحيى بن الحسين - عليهم جميعاً أفضل السلام -؛ فعندنا بحمد الله - تعالى - لكل واحد منهم في ذلك ما يشهد بصدق دعوانا لمن بحثنا عن ذلك.

[الدلالة على ثبوت العوض من قبل الله تعالى]

  فإن قيل: إذا قد صححتم أن الآلام من قبل الله - تعالى -؛ فما الذي يدل على أن لا بد من العوض من الله - سبحانه وتعالى - على الآلام؟، وهلا كفى مجرد الإعتبار كما روي عن بعض شيوخ أهل العدل!؟.

  قلنا: إنما أوجبنا العوض لما ثبت من أنه تعالى عدل، وأن الألم [ضرر، وأن الظلم هو الضرر العاري عن جلب نفع إلى المضرور به يوفى على الإضرار أو دفع⁣(⁣١)] ضرر عنه أعظم منه، كمن يقطع يد غيره - والقطع ضرر - خيفة من سري الآفة إلى سائر الجسد، فإنه لا يكون لذلك ظالماً، أو للإستحقاق لذلك كمن يقطع يد الغير قصاصاً أو حداً، فإن تعرى الضرر عن واحد من هذه الوجوه كان ظلماً، وقد ثبت أن الآلام تنزل بغير المستحق، كما قدمنا في الأنبياء $ والصالحين والأطفال، فلولا العوض لكانت ظلماً لوجود حقيقة الظلم فيها لو تعرت، ولولا الإعتبار لكانت عبثاً لعلمنا أنه سبحانه يقدر على إيصال مثل عوض الألم إلينا إبتداءً، فكانت والحال هذه إيلامه لنا يكون عبثاً، والعبث قبيح، وهو تعالى لا يفعل القبيح.


(١) ما بين القوسين زيادة غير موجودة في جميع النسخ، ولكن البحث يتطلب معناها ليتم.