(مسألة الإمتحان)
  والتفويض إلى الله، والصبر على بلاء الله، والتسليم لأمر الله، والرضاء بقضاء الله»(١)، فنسأل الله - تعالى - أن يجعلنا متوكلين عليه، مفوضين لأمورنا عليه(٢)، صابرين على بلائه، مستسلمين لأمره، راضين بقضائه فيما مر وحلا، وكافة المسلمين - آمين - وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
[بيان المراد بالبلوى في الكتاب والسنة]
  فإن قيل: إن بعض الناس حمل البلوى على التكليف والتعبد وتأول جميع ما في الكتاب والسنة - زادهما الله - تعالى - على مرور الأيام جِدَّة وشرفاً - من ذكر البلوى على ذلك وجعل حمله عليه أولى.
  قلنا: العترة الطاهرة $ أرجح من ذلك البعض، وهي إلى الصواب أهدى، كيف لا؟! وبراهينهم على خلاف ما ذهب إليه السائل لا تخفى.
  ألا ترى أن قائلاً لو قال: هذا رجل مبتلى، لم يسبق إلى أفهام السامعين أن المراد به التعبد أصلاً؛ بل يسبق إلى أفهامهم أنه قد أصيب بشيءٍ من محن الدنيا، التي قدمنا إليه الكلام فيها أولاً، وحمل كلام الباريء - سبحانه - وكلام رسول الله ÷ على الحقائق أولى.
  والحقيقة في كل لفظ: ما يسبق عند الإطلاق إلى إفهام الملأ؛ لا ينكر ذلك أحدٌ من العلماء، فهذا بحمد الله أظهر من أن يخفى، {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}[القصص: ٥٦]، {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ}[النمل: ٨٠]، فهذا هو الكلام في هذه المسألة على وجه الإختصار؛ لأنَّا لو بَلغنا إلى حدّ الإستقصاء وذكرنا جميع ما يتعلق بهذه المسألة من أدلة العقل، وحجج الكتاب، وبراهين السنة، وأقوال الأئمة والعترة $ لاحتجنا إلى إفراد كتاب، وخرجنا
(١) رواه الشريف الهاشمي في الأربعين حديث السيلقية عن ابن عمر (خ) وهو الحديث السادس.
(٢) في (ن، م): إليه.