(مسألة الشفاعة)
  أن يُشَفَّع - عليه وآله السلام - فيهم بعد نفي الله - سبحانه - لقبول الشفاعة من كل شفيع بوقوع النفي عاماً، كما قدمنا، فيكون ذلك تكذيباً لكتابه، وتعقباً لحكمه، وتبديلاً لكلماته؛ وذلك لا يجوز.
  وكيف لا يتعذر جوازه، وقد وعده الله - سبحانه وتعالى - ووعده الحق الذي لا مرية فيه، أنه يبعثه مقاماً محموداً شريفاً، يتميز به على سائر الأنبياء $، وقد أدى إلى هذين الباطلين القول بأن شفاعة النبي ÷ تكون للفساق، فيجب القضاء بفساده، وأن شفاعته ÷ تكون للمؤمنين ليزيدهم الله سروراً إلى سرورهم، ونعيماً إلى نعيمهم، وللتائبين الذين ماتوا وهم من الطاعة غير مستكبرين، ليجعل كتابهم في عليين، وعليه يحمل ما روى المخالف عن النبي ÷ أنه قال: «ذخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي(١)»،
(١) تأويل الحديث من المجاراة للخصم، والواقع أن هذا الخبر من الأخبار الآحادية المعارضة لصرائح القرآن، وقد روي بطرق كلها في بعض رجالها جرح وتضعيف من قبل أهل السنة أنفسهم؛ فأكثر مدار رواياتهم، ومعول طرقهم على أنس بن مالك، وابن عباس، وقد أسندت إليهم بطرق مجروحة تشهد بتضعيفها فمنها: عند الطبراني في الأوسط (٢/ ٣٦٩) رقم (٣٥٦٦) بسنده عن أنس بن مالك وفيه عروة بن مروان، قال الطبراني: تفرد به عروة بن مروان. انتهى.
قلت: قال فيه الدارقطني: كان أمياً ليس بالقوي في الحديث، ميزان الاعتدال ٥/ ٨٢.
ومنها: عند الطبراني في الصغير، والبزار من طريق أبي داود، والهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٣٨١) بسند عن أنس بن مالك، وفيه الخزرج بن عثمان، قال الدارقطني: يترك، وقال الأزدي: فيه نظر، ونقل عنه ابن الجوزي أنه قال: ضعيف، ميزان الاعتدال ٢/ ٤٤٠، تهذيب التهذيب ٢/ ٨٧.
ومنها: عند الطبراني في الكبير (٦/ ٢٠٥) رقم (٨٥١٨) وأبو داود السنة (٤، ٢٣٦) رقم (٤٧٣٩) والترمذي في صفة القيامة (٤/ ٦٢٥) رقم (٢٤٣٥) وأحمد في المسند (٣/ ٢٦١) رقم (١٣٢٢٧) بإسنادهم عن ثابت بن قيس عن أنس بن مالك، وفيه ثابت بن قيس، قال ابن معين: ضعيف، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال ابن حبان: قليل الحديث كثير الوهم لا يحتج بخبره، وقال الحاكم: ليس =