(يتلوه الكلام في أن الإمامة في أولادهما وأنها مقصورة عليهم)
  والسمع هو الكتاب، والسنة، والإجماع، وهم لا يدعون ذلك من الكتاب، ولا إلى تصحيحه سبيل، ومن جهالهم من يقول: قد كان في الكتاب فسقط، وسيأتي الكلام على أن القرآن لا يجوز أن يسقط منه شيءٌ.
  ويؤكد ذلك أن هذا التجويز يفتح باب الجهالات؛ لأن لمدعٍ أن يدعي أن صيام شهر مع شهر رمضان قد كان فرض علينا بالكتاب ثم سقط لفظه ونسخ، وكذلك الحج إلى بيت آخر، إلى غير ذلك، فإذا كان ذلك باطلاً قضي ببطلان ما أدى إليه.
  وإن ادعوا طريقه من السنة؛ قلنا: العلم بذلك لا يخلو إمَّا أن يكون ضرورياً أو مكتسباً.
  فإن كان ضرورياً: إشترك في العلم به الكافة ممن احتج به، ومن احتُجَّ به عليه، كما ثبت في النص على أمير المؤمنين وولديه $ ووقع الكلام في كيفية الإستدلال به لا غير.
  وإن كان العلم به إستدلالياً: فلا يثبت إلا بالتواتر والنقل المطرد(١)، ولا يمكنهم تصحيح إضافة هذا القول إلى آحاد المتقدمين من أهل البيت $ ولا الصالحين في الصدر الأول، فكيف يقال بأنهم نقلوه نقلاً متواتراً!؟، ولأنهم في أنفسهم(٢) يأتون لأمرهم على الوَهَم؛ لأنهم لو كانوا من النص على يقين لم يختلفوا فيه كما لم نختلف في النص على أمير المؤمنين وولديه $ لفظاً ولا حكماً، فلما اختلفوا في ذلك، كما حكينا عنهم، وهم لا ينكرون ما حكينا، علمنا؛ بل علم كل عاقل منصف أنهم على وهوم لا حقيقة لها عندهم فضلاً عن غيرهم، ولا قائل بأن التعبد بالعلم بالنص المنصوص عليه يخص بعضاً دون بعض. فإن قيل بذلك؛ بطل؛ لأن الإجماع منعقد بأن فرض الإمامة من الفروض التي عم الحكيم - سبحانه - بالتعبد بها جميع العقلاء،
(١) النقل المطرد: هو الذي إذا ثبت صح الإستدلال به، وإذا انتفى بطل الإستدلال به، ويلزم من الإستدلال به على الوجه الصحيح ثبوت صحته، ومن ثبوت صحته صحة الاستدلال به. تمت.
(٢) الضمير عائد إلى الإمامية، تمت.